• شارك برأيك
    english

    هكذا بكت الطفلة (جمانة) فأبكت الجميع

    كانوا مجموعة من الفتية والأطفال تجمعهم المحبة, يلعبون معاً وبجانب بيوتهم .. يضحكون ويمرحون والناظر إلى وجوههم يرى المستقبل الواعد والمشرق ... فجأة وإذ بصاحب المنزل المجاور يصرخ بالفتية اذهبوا من هنا اذهبوا إلى آبائكم وأمهاتكم وبيوتكم لقد سببتم لي الإزعاج... كانت الطفلة جمانة بين هؤلاء الأطفال وعندما سمعت كلام ذلك الرجل أجهشت بالبكاء وسالت الدموع على وجنتيها... فجاء الرجل الذي صرخ بالأطفال ورأى الطفلة تبكي فوضع يده على رأسها وعرف أنها جمانة ... فأجهش هو الآخر بالبكاء من هول المشهد الذي لا يمكن أن يقاوم ...إنها طفلة وحيدة ماتت أمها, وأبوها يقبع في غياهب المعتقلات وقد جرحت كثيرا عندما سمعت صاحب المنزل يصرخ في وجه الأطفال اذهبوا لآبائكم وأمهاتكم فهي لا تملك من هؤلاء شيئا ... عند ذلك اخذ الرجل يخفف من الجرح الذي سببه لها ويحاول الاعتذار منها بحضور الأطفال الذين بكوا كثيرا عندما شاهدوا دموع جمانة تلك الطفلة الرقيقة التي جرحت مشاعرها عندما تذكرت أمها التي توفيت وتذكرت أبوها المسجون .إنها جمانة أبو جزر من رفح, طفلة صغيرة لم تتجاوز الست سنوات من العمر وهي بنت الأسير علاء أبو جزر, الطفلة جمانة اعتقل والدها وتوفيت أمها لتفتح عيونها على حياة قاسية حرمتها من حنان الأم والأب بدون ذنب , الأم توفيت إثر إصابتها بداء الوباء الكبدي والأب اعتقل قبل ولادتها فلم تره, واعتقل والدها علاء بعد عودته مع والده المريض وحكم عليه بالسجن 17 عاما بالرغم من انه ذهب إلى الخارج لعلاج والده واستكمال رسالة الماجستير في المحاسبة. وتعرفت الطفلة جمانة على والدها من خلال الصور وبعد إصدار الحكم عليه سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوالدته وطفلته بزيارته فتعرفت على شخصيته فأحبته كثيرا رغم رؤيته بشكل غير واضح نظرا للجدار الزجاجي الذي وضعته إدارة السجون أمام غرف الزيارة. جمانة عادت لتزور والدها ولكنها تفاجأت هذه المرة بأنها مرفوضة أمنياً وبررت سلطات الاحتلال ذلك بأنها لا تمتلك هوية.الطفلة الصغيرة الجميلة ذات العيون الحزينة ترفض أن تلبس ملابس العيد إلا عندما يخرج والدها من السجن وكل ما تمتلكه هو دفتر صغير تحاول من خلاله كتابة كل ما يدور بخاطرها عندما تشعر بأنها بحاجة إلى والدها من خلال رسمها لصورة والدها أو كتابة فقط كلمة بابا لتملأ بها الصفحة بهذه الكلمة الجملية التي حرمت منها.وتقول الطفلة جمانة: "والدي معتقل في سجن نفحه منذ ست سنوات ونصف حرمت من رؤيته ولكني أريد أن أتساءل لماذا جميع الأطفال يعيشون مع أبائهم إلا أنا؟ ألا يكفى أنني حرمت من والدتي؟ العيد يمر ودمعي على خدي والحرقة في قلبي ولا أستطيع الحديث فأنا أرى أبناء عمي عندما يذهبون إلى آبائهم فيحملونهم على أكتافهم ويلهون ويلعبون معهم ويحتضنوهم وأنا أنظر إليهم بقلب مليء بالحسرة والألم".وتضيف "لا أحد يشعر بعذابي، أنا أنشد وأنادي على والدي من يسمعني لا أجد سوى صوت جدتي يقول لي: كفى, فأسكت وأصمت. جدة الطفلة جمانة أم الأسير علاء بطبيعة الحال تبحث كل يوم عن ابنها علاء لعله يخرج من السجن كي يعتني بابنته في طفولتها, أما والد الأسير علاء توفي بينما هو يأمل عودة ابنه ، حيث تقول الحاجة أم علاء: "في لحظات احتضاره الأخيرة كان كلما رأى ممرضاً اعتقد أنه علاء, ولكن حينما يناديه فلا يجيب, يجهش بالبكاء حتى فارق الحياة وهو على هذه الحال".قصة الطفلة جمانة فيها الكثير من العذاب والمعاناة إلا إنها دائما ما تتمسك بالعزيمة والإرادة والأمل والتفاؤل بخروج والدها من السجن حتى تعيش طفولتها بين أحضانه.