• شارك برأيك
    english

    الزرع والمزارع في غزة ..هدفا لبطش الاحتلال الإسرائيلي

    أدى الحصار الظالم على قطاع غزة منذ تسعة أشهر إلى آثار سلبية ومريعة على القطاع الزراعي تتراوح بين منع الاحتلال دخول المستلزمات الزراعية من أسمدة وعقاقير ولقاحات وأمصال, إضافة ً إلى الأغطية البلاستيكية وأدوات التعبئة وبين إغلاق المعابر في وجه تصدير المنتجات الزراعية وطرحها في الأسواق تارةً بأسعار بخسة وتارةً أخرى بأسعار مرتفعة لتتناسب مع التكاليف المنفقة عليها من طور الإنبات إلى طور الإنتاج.علامات الحزن الدفين امتزجت بملامح المزارع الفلسطيني محمد ضهير وبدا لون بشرته كتراب الأرض ، ضهير يتألم حين يمسك ببعض مزروعاته يضربها ببعضها بكف يديه ويغمرها حيناً آخر بدموع عينيه فهو على رغم ارتفاع أسعار الخضروات في غزة لم يتمكن من جني عوائدها المادية ربحاً وفيراً يقيه شر الحاجة والسؤال لموسم زراعي قادم .أسباب كثيرة وضعت ضهير في هذا الحال ، فالأموال التي أنفقها في شراء المواد الكيماوية والأشتال ووقود تشغيل مواتير الضخ كثيرة ، ضهير كالكثير من المزارعين تراجع عن العمل بالزراعة وينوي الاتجاه لأي عمل آخر - إن وجد - يمكنه من خلاله توفير لقمة العيش لأسرته الكبيرة العدد المحدودة الإمكانيات، يقول الرجل :" بات العمل بالزراعة في ظل الحصار المفروض على غزة عبئاً على المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية أنفسهم نتيجة افتقادهم الكثير من مقوماتها كالأغطية البلاستيكية والأسمدة والمبيدات الزراعية وأغراض التعبئة والتغليف من كرتون الخاصة بالتصدير بسبب عدم سماح قوات الاحتلال بدخولها إلى القطاع " ، وأشار ضهير إلى أن هذه السياسات تجعل المزارع المصر على الزراعة الحصول عليها بأسعار باهظة لتتم عملية إنبات وإنتاج المحصول ومن ثمَّ حاول القبول بأقل معدل ممكن للخسارة برفع ثمن منتوجه الزراعي بما يحقق له تعويض وتحصيل التكاليف وشيء من الربح إن أمكن عازياً إلى ذلك ارتفاع أسعار الخضروات في القطاع خلال الآونة الأخيرة.أشرف الأسطل رئيس جمعية مزارعي البيوت البلاستيكية في قطاع غزة يقول على سبيل المثال أن ثمانية آلاف دفيئة زراعية من مجموع اثني عشر دفيئة في قطاع غزة توقف بشكل كامل نتيجة الإجراءات الصهيونية وإغلاق المعابر ومنع أصحابها من تصدير منتجاتهم الزراعة مشيراً إلى أن الأربعة آلاف دفيئة الباقيات تعمل بشكل محدود، وبات أصحاب الدفيئات الزراعية من شمال القطاع إلى جنوبه يواجهون ظروفاً قاسية على الصعيد الاقتصادي والنفسي والاجتماعي.

    تدهور القطاع الزراعي

    في تصريحات خاصة لوزير الزراعة د. محمد الأغا أكد أن وضع القطاع الزراعي في قطاع غزة آل إلى الانهيار والأسباب لديه لا تعدو عدم وجود تصدير وعدم دخول مستلزمات الإنتاج الزراعي المختلفة .الأغا يشير إلى أن ذلك أثمر مأساة كبيرة على حياة المزارع الاجتماعية وحالته الاقتصادية حيث بات لا يستطيع توفير قوت اليوم لأسرته لافتاً إلى أن المزارع الفلسطيني بات يزرع دون أي جدوى اقتصادية بسبب عدم تصدير منتجاته وجني عائدها المادي خاصة منتجات التوت الأرضي والزهور والخضروات التي باتت مؤخراً وجبة غذائية للحيوانات والطيور في القطاع ليس ترفاً بل ثمرة حصار ظالم وإغلاق مجحف ، كما قدر الأغا خسائر القطاع الزراعي منذ منتصف يونيو حتى نهاية فبراير 2008 الماضي بحوالي 42 مليون دولار بالإضافة إلى تلف 25.000 طن من البطاطا وأكثر من 10.000 طن من محاصيل أخرى أو تم بيعها في السوق المحلي بأسعار أقل بكثير من أسعار التصدير، لافتاً إلى أن الخسائر الشهرية المباشرة للقطاع الزراعي تقدر ب10 مليون دولار مشيراً إلى أن وزارته قدمت مؤخراً تعويضات لحوالي 60 ألف مزارع فلسطيني تضرروا من الحصار بقيمة مليون ونصف دولار في إطار التخفيف من الأضرار الجسيمة التي لحقت بهم وأثرت سلباً على تفاصيل حياتهم.

    اصطياد المزارعين

    لم تكتف دولة الاحتلال بالآثار المدمرة التي أفضى بها الحصار على القطاع الزراعي والخسائر المادية الكبيرة التي تكبدها المزارعين في إطار الصمود وعدم الخنوع بهجر الأرض وإبدال خضرة بساتينها بصحراء قافلة تقع فريسة لرياح عاتية في شتاء بارد أو أجواء خماسينية معبقة بالتراب تعمى معها العيون عن رؤية الفضاء الفسيح، بل عمدت إلى زيادة معاناة المزارعين باستهدافهم قتلاً لكنهم يروون بدمائهم الأرض فتزهر ورداً بحمرةٍ قانية وزيتوناً وعنباً شهياً.فقد عمدت مؤخراً قوات الاحتلال المتمركزة على الحدود الشمالية لقطاع غزة إلى قنص المزارع رأفت منصور بينما كان يهم بفلاحة أرضه شرق مدينة جباليا، وأكد د. إبراهيم القدرة وكيل مساعد بوزارة الصحة خلال بيان صادر عن الوزارة أن الاحتلال بات ينتهج سياسة استهداف المزارعين في قطاع غزة ليكسر صمودهم في وجه الحصار. وأضاف القدرة :"أن المزارع منصور كان الشهيد الرابع على مدار أيام لم تتجاوز الأربع عشر "، لافتاً أن عمليات القنص والاستهداف تزيد من أعباء المعاناة التي يتكبدها المزارع فهو يصر على الالتصاق بالأرض يجني خيرها مهما كان زهيداً وتصر معه قوات الاحتلال على اجتثاثه منها كما الجذع من تراب الأرض بأنياب جرافاتها وجنازير دباباتها، ناهيك عن الخسائر المادية الباهظة التي يتكبدها المزارعين بسبب منع منتجاتهم من التصدير للخارج بفعل إغلاق المعابر والحدود في وجوه بضائعهم، مشدداً على ضرورة الضغط عبر مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية على دولة الاحتلال لإيقاف اعتداءاتها على المزارعين وأصحاب الأراضي وتوفير الحماية لهم من قناص الاحتلال في المناطق الحدودية وكذلك فك الحصار عن قطاع غزة.