• شارك برأيك
    english

    مياه محطاتِ التحلية.. خطورةٌ أكبر تهدد مليون ونصف مليون "غزّي"!

    بعد إقبال المواطنين على شرائها لارتفاع نسبة الأملاح في "البلدية"..

    مياه محطاتِ التحلية.. خطورةٌ أكبر تهدد مليون ونصف مليون "غزّي"!

     

    د.المغير: "تفقد المياه بعد الفلترة عناصرها المهمة.. ومياه البلدية أخف الضررين"

    بعدما أصيبت زوجة المواطن "سامح بدر" بـ "حصوةٍ" في المرارة كادت تودي بحياتها، قرر زوجها الاستعاضة عن مياه "البلدية" في بيته بشراء المياه المفلترة من سيارةٍ تبيعها في حيِّه، "لاسيما أن الأطباء أخبروه أن الحصوة نتجت عن تراكم الأملاح الموجودة في مياه الشرب".

    وقد وجدت سيارات بيع المياه المفلترة "ذات النغمات الخاصة"، إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين لاعتقادهم بأنها أكثر أمناً من مياه "البلدية".. بينما الحقيقة تقول :"إن لشرب المياه المفلترة المباعة.. أضراره أيضاً".

    "خير وسيلة للوقاية"!

    ويرى بدر (35 عاماً) من سكان شمال قطاع غزة، أن مياه محطات التحلية باتت حاجةً ملحة في كل بيت، وطريقة صحية كبديل عن مياه البلدية، وخير وسيلة للوقاية من أمراض كثيرة قد تسببها المواد الثقيلة الموجودة في مياه شرب "البلدية"، قائلاً :"بعد إصابة زوجتي صرت أميل بشدة لاستخدام مياه المحطة بدلاً عن مياه البلدية المالحة، وقد اشتريت برميلاً كبير الحجم لعائلتي كي يكفينا أياماً عدة".

    انتشار بيع المياه "كمهنة" في صفوف المواطنين ساهم في زيادة ثقة العائلات بنظافتها وأفضليتها على حساب مياه "البلدية" بينما –وعلى الطرف النقيض- تسبب وجودها في فقدان ثقتهم بالمياه المقدمة لهم عبر شبكات مياه البلدية التي تصل إلى البيوت من مصدرها.

    "مياهُ المحطة" غير صحية!

    وعلى عكسه تماما يعتقد أبو أسامة (47 عاما) -الذي كان يعمل موزعاً في إحدى محطات التحلية- أن ظاهرة انتشار المياه "المفلترة" أتت كإفراز لمغرياتٍ قدمتها محطات التحلية للمواطنين تتضمن إيصال المياه إلى أبواب البيوت، بالإضافة إلى تقديم براميل بلاستيكية مجانية "كي يبقى المواطن رهينة للمحطة ولا يلتفت إلى غيرها"، متنبئاً باقتراب انحسار هذه الظاهرة "لأن المواطنين سيكتشفون أضرار مياه محطات التحلية على صحة أبنائهم، لاسيما وأنها خلال عملية التنقية تفقد الكثير من الأملاح والعناصر الأساسية اللازمة لبناء جسم الإنسان ونموه".

    ويشير أبو أسامة إلى بعض المشاهد المدللة على صحة كلامه –والتي يتغاضى عنها المواطن- حينما يهمّ الموزّع بتعبئة برميله، "كمشهد خرطوم المياه مجروراً وراء سيارة المياه على الأرض ومن ثم تعبئة البراميل بواسطته، لتحمل مع المياه إلى البرميل الجراثيم والميكروبات المختلفة التي تؤدي إلى الإصابة بأمراضٍ خطيرة"، معقباً بقوله :"المواطنون لا يعرفون أن مياه البلدية تبقى أفضل بكثير من المياه المفلترة لوجود رقابة مستمرة عليها عكس مياه المحطة".

    وطالب الجهات المعنية بتحمل كامل المسؤولية تجاه صحة أبناء شعبهم من خلال مراقبة المحطات بشكل دوري ومفاجئ لمعرفة مدى التزام أصحابها بالمعايير والمواصفات التي أُقرت لهم للعمل بها،ومتابعة مصدر المياه و كيفية وصولها للمستهلك، وتنظيم عملية منح التراخيص لتلك المحطات.

    تتطلب رقابة!

    الدكتور يونس المغير رئيس قسم الهندسة البيئية في الجامعة الإسلامية بغزة، أكد خطورة المياه المفلترة الكبيرة على صحة المواطن، لا "سيما وأن الفلاتر الموجودة الآن في محطات التحلية في القطاع، تزيل جميع الأملاح.. الكالسيوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم والكلورايد، التي يحتاجها الجهاز الهضمي ويحتاجها الجسم لبنية العظام والأسنان، وخصوصا عنصر الكالسيوم الذي يشكل فقدانه خطرا على الأطفال".

    وقال في اتصال هاتفي مع "فلسطين" :"السماح بشرب مياه محطات التحلية يتطلب رقابة مستمرة من قبل سلطة المياه ووزارة الصحة ومصلحة بلديات الساحل على هذه المحطات"، موضحاً أن تركها تعمل عشوائياً يشكل خطورة كبيرة جدا يمكن أن تؤدي إلى حدوث أمراض بكتيرية وفيروسية لدى المواطن تنتقل له من خلال جر خرطوم مياه سيارة المحطة على الأرض واختلاط الأوساخ التي يحملها بالمياه التي يشربها، ونقل المياه من خزان إلى خزان ومن المحطة إلى أماكن أخرى".

    أخف الضررين!

    وأكد المغير أن مياه البلدية أخف الضررين، "بل أفضل بكثير من مياه محطات التحلية، غير أن الأولىيوجد فيها خلل بسيط جداً في المعايير"، تكمن في نسبة النترات التي تفوق في بعض الأحيان النسبة المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية، وأضاف :"هي مشكلة بسيطة لا تستطيع البلدية أن تحلها، لأنها تحتاج إلى محطات معالجة ضخمة وتكاليف باهظة من أجل تحقيق ذلك، ولكن باقي الأملاح والعناصر الأخرى مطابقة للمواصفات تقريباً".

    وبين أن بعض المناطق في قطاع غزة تلجأ إلى استخدام المياه المفلترة اضطرارا، بسبب ارتفاع تركيز نسبة بعض الأملاح والعناصر الأخرى إلى ضعف معدلات منظمة الصحة العالمية.

    ولفت المغير إلى أن قسم هندسة البيئة في الجامعة يقوم بالعمل على إعداد برامج مشتركة مع مصلحة بلدية الساحل لمراقبة مياه الشرب ومياه البحر وكل ما يتعلق بجودة المياه ليقوم بعد ذلك بتبليغ المواطنين بالأفضل لهم.