• شارك برأيك
    english

    إصابات حرب غزة تضيف خبرات جديدة لأطبائها

    شكلت فترة الحرب على غزة بكل ما تحتويه من مجازر وإصابات بشعة لم تعهد من قبل استخدم خلالها الاحتلال الأسلحة المحرمة دوليا ، تحديا لأطباء غزة الذين خاضوا معركة الصراع من أجل إبقاء الجرحى على قيد الحياة ، مما أضاف لقاموسهم الطبي خبرات جديدة لم يستطع أطباء العالم فك لغزها .وقد اتضحت تلك التجارب عقب الحرب على غزة عندما تمكن عدد من الأطباء من تحقيق قفزات نوعية في عملياتهم الجراحية .

     

    دعم الأطباء

    أولى تلك النجاحات تمثلت في اختيار زكريا يحيى الأسطل مدير دائرة المختبرات في مجمع ناصر الطبي بخانيونس من قبل مؤسسة( Marquis who"s) ليكون إحدى الشخصيات المؤثرة عالميا .وقد تحدث وزير الصحة الدكتور باسم نعيم خلال تكريم الدكتور زكريا الأسطل قائلا:" رغم الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ثلاثة أعوام والعدوان اللذان كانا يهدفان للنيل من صمود الشعب الفلسطيني إلا أننا اليوم نحتفل بتكريم احد أبناء هذا الشعب المعطاء وكوادر وزارة الصحة الميامين لنيله هذا اللقب الكبير من قبل احد أهم المؤسسات العلمية المختصة بالبحوث العلمية على مستوى العالم أجمع".وأضاف" إن حصول اثنين من أبناء غزة المحاصرة وهم الدكتور زكريا الأسطل وعميد كلية تكنولوجيا المعلومات على هذا اللقب يؤكد أن هذا الشعب حي وقادر على العطاء وإنه يرسل رسالة للعالم مفادها انه يستحق أن يعيش بسلام وأمن كباقي شعوب الأرض وان الحصار لن يفت في عضده ويكسر إرادته".وأوضح الوزير انه في الوقت الذي يشارك فيه العالم كله في حصار مليون ونصف مليون مواطن وما نجم عنه من حصد أرواح أكثر من 337 شهيدا جراء عدم تمكنهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج وعدم وصول الأدوية إلى غزة وعرقلتها سواء من الجانب المصري علىمعبر رفح أو عدم إيصالها من قبل سلطة رام الله , يقدم أبناء شعبنا خدمات للبشرية جمعاء من خلال إعداد بحوث علمية وتشجيعها تسهم في تطوير القطاع الصحي في كل أنحاء العالم. وأشار الوزير إلى إن وزارته التي تضم أكثر من 9000 موظف وتقدم خدمات صحية لأكثر من 85 % من السكان نجحت في العمل بظروف صعبة طوال السنوات الثلاثة الماضية وحققت إنجازات ملموسة رغم الحصار .وطرح الوزير فكرة تشجيع البحوث العلمية في فلسطين عبر التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي في هذا الجانب ، وأعرب عن أمله أن يتم ذلك من اجل الارتقاء والنهوض بالقطاع الصحي في فلسطين خاصة مع وجود كفاءات طبية محلية مميزة أثبتت نفسها على الخارطة العالمية.ووعد الوزير نعيم بان تبذل وزارته جهودا مضنية في توفير كافة احتياجات الأطباء للأجهزة والمعدات الطبية الحديثة الخاصة بتصوير الأشعة من خلال التواصل الدائم مع الجهات المانحة بالإضافة إلى نيته توفير منح طبية للأطباء العاملين في مجال الأشعة التشخيصية في الخارج وكذلك استضافة فرق طبية عربية وأجنبية تدرب الأطباء بغية تأهيلهم وتطويرهم والارتقاء في مستواهم من اجل خدمة المواطنين وتعزيز صمودهم في وجه الحصار الجائر. وأكد الوزير نعيم على أن الشعب الفلسطيني لديه إصرار وعزيمة لا تلين وانه مصمم على نيل حقوقه المشروعة وعدم التفريط في ثوابته الوطنية مهما كانت التضحيات .

     

    عمليات نادرة

    ومن بين العمليات الناجحة التي جرت مؤخرا هي تلك التي أجراها الطبيب أسامة العكلوك رئيس قسم جراحة الأعصاب في مستشفى الشفاء الطبي بغزة لرضيع يبلغ من العمر ثلاثة أيام، كان يعاني تشوهاً في الجمجمة نتيجة نقص عظامها، مع بروز الجزء العلوي من الدماغ.ويقول العكلوك: " كان لا بد من إجرائها للطفل، ولو لم نفعل لكان الجزء النامي خارج الجمجمة تعرض للتلف فأصيب إما بإعاقةٍ دماغية أو الموت"، مؤكداً نجاح العملية الكامل دون مضاعفات بفضل التجهيزات والفحوصات التي أجريت للمريض قبل العملية، والعناية بالمريض عبر طاقم التخدير... وقد عاد وضع الجمجمة إلى طبيعته".وذكر بأن مثل هذه العمليات تعتبر من العمليات النادرة النجاح والتي تجرى في مراكز متخصصة على أيدي جراحين كبار في العالم, موضحاً أن الخبرات التي اكتسبها الأطباء خلال الحرب على القطاع ساعدت بشكل كبير في تحقيق نجاحات هائلة من قبل الأطباء.وفي إطار جهود الإدارة العامة لتنمية القوى البشرية في وزارة الصحة لتعزيز مشروع تدريب أطباء فلسطين تستعد الإدارة العامة لتنمية القوى البشرية لاستقبال الوفد الطبي الثاني لاتحاد الأطباء العرب , والذي من المقرر أن يصل يوم السبت المقبل .وتأتي هذه الزيارة لاستكمال مشروع تدريب أطباء فلسطين بحضور عدد من أساتذة الجامعات والاستشاريين في تخصصات مختلفة وهي (انف وأذن وحنجرة – تخدير – جراحة أوعية دموية – جراحة عظام ) وذلك لمواصلة المهام التدريبية النظرية والعملية ، بالإضافة إلى إجراء عمليات نوعية للحد من السفر للعلاج بالخارج والتخفيف من معاناة مرضى قطاع غزة.يذكر أن زيارة الوفد الطبي لاتحاد الأطباء العرب تعتبر هي الزيارة الثانية في اقل من شهر بعد الزيارة الأولى في أواخر الشهر الماضي .وفي سياق متصل استقبل د. ناصر أبو شعبان مدير عام الإدارة العامة لتنمية القوى البشرية وفدا من النرويج أطلعهم خلال الزيارة على الواقع الصحي في القطاع خاصة بعيد الحرب الأخيرة , وبحث سبل تطوير كفاءة الطاقم الطبي الفلسطيني والتمريض ضمن مشروع تقدمه نقابة التمريض والإدارة العامة لتنمية القوى البشرية وكلية فلسطين ووحدة التمريض وذلك برعاية من المؤسسة النرويجية (NORWAC) والذي يركز على ثلاث برامج ( الطوارئ – الرعاية المكثفة – الإفاقة "الرعاية بعد العملية") .

     

    تقدم مستمر

    وقد أجرى الطبيب محمد حبيب استشاري ورئيس قسم القسطرة القلبية في مستشفى غزة الأوروبي عملية نادرة النجاح تتمثل في تركيب أول منظم لضربات القلب "وهي تحدث لأول مرة على مستوى القطاع", مشيراً إلى أن السبب الرئيسي الذي ساعد أطباء القطاع على المضي قدماً في إجراء العمليات التي تحتاج إلى إمكانيات عالية هو إدخال بعض الأدوات الطبية عبر الوفود التي دخلت في الحرب منها البطاريات وجهاز منظم ضربات القلب.وكانت العملية الجراحية الخطيرة الأولى التي سجلت نجاحاً لدى الطبيب محمد هي عملية قسطرة للشرايين التاجية التي تغذي عصب القلب، وقال :"هذه العملية الفريدة من نوعها نجحت للمرة الأولى في العالم عام 1978 ، ولم تجر منها إلا ألف واحدة على مستوى العالم كله حتى اللحظة".وأشار إلى أن الأسباب التي كانت تحول دون القيام بمثل هذه العمليات في قطاع غزة هو عدم توفر جهاز "للقسطرة" فكانت معظم العمليات تحول لإسرائيل والأردن.كما أن هناك العديد من الأطباء الذين نجحوا في إجراء عمليات نوعية لمرضاهم تكللت بالنجاح وأغنتهم عن السفر للعلاج في الخارج ، حيث أرجع الدكتور محمد الرنتيسي مختص العظام والأعصاب والذي نجح في إجراء عملية دقيقة في الأعصاب أن الأطباء الفلسطينيين ذلك النجاح إلى تعرضهم لأعداد من الإصابات تعتبر الأكثر في الشرق الأوسط وأوروبا بسبب الاجتياحات المتلاحقة من قبل قوات الاحتلال.وذكر أن العديد من الإصابات التي خرجت للعلاج في الخارج عادت لإجراء عملياتها في غزة ، موضحا أن تركيز الإعلام على هذه العمليات كان قليلا خلال الفترة السابقة لذلك لم تكن تخرج للنور .وأشار إلى أن العديد من العمليات تحتاج للمهارة والخبرة أكثر من الأجهزة لذلك ينجح فيها الطبيب الفلسطيني .