• شارك برأيك
    english

    الصليب الاحمر: سكان غزة غير قادرين على اعادة بناء حياتهم

    قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بأن سكان غزة ما زالو غير قادرين على إعادة بناء حياتهم بسبب القيود المفروضة على الواردات, ويناضل معظمهم من أجل سد رمقهم، على الرغم من مرور ستة أشهر على العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل خلال ثلاثة أسابيع في غزة يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008,. وقالت اللجنة في تقرير لها أن "هناك مرضى في حالات خطيرة يواجهون صعوبة في تلقي العلاج الذي هم بحاجة إليه, ويعاني أطفال كثيرون من مشاكل نفسية. كما ظل المدنيون, الذين دُمرت بيوتهم وممتلكاتهم أثناء النزاع, غير قادرين على تخطي الصعاب".ووصف التقرير بشكل تفصيلي حالة التردي الاقتصادي والصحي والاجتماعي التي يعيشها قطاع غزة وسكانه الذين يزيدون عن الـ 1.5 مليون نسمة، فكميات السلع التي تدخل غزة حالياً هي أدنى بكثير مما هو مطلوب لسد احتياجات السكان. ففي أيار/مايو 2009 لم تدخل غزة سوى 2,662 شحنة من السلع, مما سجل انخفاضاً بنسبة تناهز 80% مقارنة مع 11,392 شحنة سُمح بدخولها في نيسان/أبريل 2007, قبل اعتلاء حماس السلطة في القطاع.وفيما يتعلق بالجانب النفسي لأهالي القطاع أكد التقرير بأن الكثير من الأطفال شهدوا أعمال العنف خلال العملية العسكرية. حيث شاعت حالات التبول غير الإرادي والأرق والسلوك التهيجي. وبات آلاف الأطفال والبالغين بحاجة للاستشارة الطبية لمعالجة الآثار النفسية والضغط الناجم عن الصدمة.وبالنسبة للجانب الصحي أشار التقرير إلى أن "نظام الرعاية الصحية في غزة ليس قادرا على تقديم العلاج الذي يحتاجه العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة، والمأساة تكمن في أن عددا منهم ليس مسموحا له مغادرة القطاع في الوقت المناسب للحصول على الرعاية الصحية في مكان آخر، حيث أن إجراءات طلب الحصول على تصريح لمغادرة القطاع معقدة وتستوجب موافقة السلطات الفلسطينية والإسرائيلية معاً، مما يضطر المرضى في حالات خطيرة إلى الانتظار أحياناً أشهراً عديدة قبل أن تسمح لهم السلطات المختصة بمغادرة قطاع غزة".وأضاف التقرير بأن "شح الأدوية اللازمة مشكلة دائمة في مستشفيات وعيادات الصحة في غزة, التي تعتمد على إمدادات آنية ومؤكدة للأدوية من وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية, لكن سلسلة الإمداد تنهار في غالب الأحيان. فالتعاون بين السلطات الصحية في الضفة الغربية وغزة صعب. كذلك تعوق إجراءات الاستيراد الإسرائيلية المعقدة, والتي تستغرق وقتاً طويلاً الإمداد المؤكد حتى بالمستلزمات الأساسية مثل مسكنات الألم ومظهِّرات أفلام الأشعة السينية. ونتيجة لذلك لا يحصل بعض المرضى, وحتى المصابين منهم بالسرطان أو بعجز كلوي, على الأدوية الضرورية التي يحتاجونها".

    تدهور واختناق اقتصادي

    وحول الوضع الاقتصادي في غزة أشار التقرير إلى أن "إحدى العواقب الأكثر خطورة الناجمة عن الإغلاق هي ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 44% في نيسان/أبريل 2009, حسب تقرير غرفة التجارة في غزة. فيما أدت القيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتصدير منذ حزيران/يونيو 2007 إلى توقف 96% من الإنتاج الصناعي في غزة وفقدان قرابة 70,000 وظيفة. وكان لها أيضاً أثر شديد على القدرة على تصدير المنتوجات إلى إسرائيل والضفة الغربية, وهو أمر أصبح شبه مستحيل".وأكد التقرير بأن "الأنفاق تحت الحدود بين مصر وغزة لا تمثل بديلاً للنمو الاقتصادي, كما أنها لا تؤمن الإمداد الكافي من السلع التي بمقدور السكان شراؤها". وأضاف التقرير بأن انهيار الاقتصاد في غزة أدى إلى زيادة الفقر بشكل كبير. وأظهرت دراسة أجرتها اللجنة الدولية على أرباب العائلات في أيار/مايو 2008 أن أكثر من 70% منهم كانوا حتى ذلك الحين يعيشون تحت خط الفقر, إذ بلغ دخلهم الشهري أقل من 250 دولاراً أمريكياً للأسرة الواحدة المؤلفة من 7 إلى 9 أفراد (دولار للفرد الواحد في اليوم عدا المساعدات الإنسانية التي قد يتسلمها). كما يعاني من الفقر المدقع 40% من عائلات غزة التي يقل دخلها الشهري عن 120 دولاراً (نصف دولار للفرد الواحد في اليوم). عادة, يتعين على كل فرد يعمل, سواء في القطاع العام أو الخاص, إعالة أسرته المكونة من 6 إلى 7 أنفار وإعانة بضعة أفراد من عائلته الموسعة.كما أكد التقرير بأن "الفقر المتزايد في القطاع أدى إلى عواقب وخيمة على النظام الغذائي للسكان. فاضطر العديد من العائلات إلى تخفيض نفقاتها المنزلية إلى مستويات تبقيهم على قيد الحياة. كما أن معظم الأهالي الأشد فقراً في غزة قد استنفذوا وسائل مواجهة الوضع, ولم يبق للكثير منهم أية مدخرات. باعوا ممتلكاتهم الخاصة كالمجوهرات والأثاث وبدأوا يبيعون مصادر الإنتاج كالمواشي أو قوارب الصيد أو سيارات الأجرة. حيث أنه ليس في مقدورهم تخفيض الإنفاق على الغذاء. وسوف تؤثر المستويات المعيشية المتدهورة على صحة السكان وحالهم على المدى البعيد. ومن المرجح أن يكون الأطفال هم الأكثر تضرراً حيث يشكلون أكثر من نصف عدد سكان غزة.

    الصليب الاحمر يطالب برفع القيود

    وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها إلى"رفع القيود المفروضة على تنقل الأشخاص والسلع كإجراء أول وأكثر إلحاحاً لفك عزلة غزة والسماح لأهاليها بإعادة بناء حياتهم". وأضاف التقرير بأن اللجنة الدولية "شددت مراراً على أن حق إسرائيل في اتخاذ التدابير للحفاظ على أمنها ينبغي أن يكون متوازنا مع حق سكان غزة في حياة طبيعية وكريمة. يفرض القانون الدولي الإنساني على إسرائيل واجب ضمان تلبية احتياجات السكان الأساسية من حيث الغذاء والمأوى والماء والإمدادات الطبية". وحذر التقرير من الحؤول دون استيراد مواد البناء والمستلزمات الضرورية الأخرى إلى قطاع غزة, وقال بأن "مبلغ 4,5 مليار دولار التي وعدت بها الدول المانحة لإعادة الإعمار في قمة دولية عقدت في مصر في آذار/مارس 2009, لن يجدي نفعاً" (بحسب التقرير). وأشار التقرير بأن "إعادة الإعمار وحده لا يوفر وسائل طويلة الأمد لمساعدة غزة على الانتعاش. ومن غير المقبول الرجوع إلى وضع ما قبل العملية العسكرية الأخيرة, لأن ذلك لن يساهم إلا في إطالة محنة غزة". وأضاف التقرير بأن "الحل الدائم يتطلب تغييرات أساسية في سياسة إسرائيل, مثل السماح بالصادرات والواردات من وإلى غزة, مما يزيد من تدفق السلع ويسهل حركة السكان إلى المستوى الذي كانت عليه في شهر أيار/مايو 2007, ويسمح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم في المنطقة العازلة ويمكّن الصيادين من العودة إلى مياه أكثر عمقاً ". وأكد التقرير بأنه " لا يمكن للعمل الإنساني أن يحل مكان الخطوات السياسية الجديرة بالثقة واللازمة لإحداث هذه التغييرات. إن العملية السياسية الصادقة والشجاعة بمشاركة كل الدول والسلطات السياسية والجماعات المسلحة المنظمة المعنية هي وحدها التي يمكن أن تخفف محنة غزة وتستعيد الحياة الكريمة لأهاليها. وإلا فإن البديل سيكون المزيد من الانزلاق نحو البؤس يوماً عن يوم".