• شارك برأيك
    english

    طلاب التوجيهي في غزة .. تفوق من تحت الأنقاض

    حبس طلاب الثانوية العامة في غزة أنفاسهم في انتظار ساعة الصفر لإعلان النتائج ، وجملة من المشاهد تجول في أذهانهم ، كيف ستكون النتائج ؟ هل سنتفوق رغم الحرب التي أشغلتنا شهرا كاملا ودمرت بيوتنا ومدارسنا ؟ ما هو المستقبل الذي ينتظرنا بعد تلك اللحظة ؟ وماذا عن المعابر المغلقة التي تحول دون سفر الطلاب؟ .وما هي إلا دقائق معدودة أعلنت وزارة التربية والتعليم خلالها عن النتائج أزيلت بعدها الهموم وتعالت صرخات وصيحات البهجة ودموع الفرح .

    عام قاسي

    كان عاما قاسيا على طلبة الثانوية العامة الذين شهدوا أياما عصيبة لم يتمكنوا خلالها من الدراسة على مدار شهر كامل من الحرب الشرسة التي شنتها قوات الاحتلال على غزة أدت لتدمير المنازل وسقوط آلاف الشهداء من بينهم عشرات في الثانوية العامة .وكيل وزارة التربية والتعليم الدكتور يوسف إبراهيم قال أن وزارته منحت 23 طالباً ممن استشهدوا في الحرب الأخيرة شهادة فخرية للثانوية العامة، وذلك تأكيداً على قيمة هؤلاء الشهداء ورغبة من الوزارة لإعطاء الشهداء دوراً مهماً حتى بعد استشهادهم.وأكد إبراهيم أن ذلك يأتي استكمالاً لتكريم أسر الشهداء، وتكريم الشهداء ممن حصلوا على الشهادة العليا قبل أن يحصلوا على الشهادة الدنيا. وكشف إبراهيم عن 23 شهيداً من طلبة الثانوية العامة إلى جانب حوالي 12 معلم مما يدلل على مساهمة طلاب الثانوية العامة وما يؤكد على دور الهيئة التدريسية ودور المثقفين والمتعلمين في معركة التحرر الوطني. ووصلت نسبة النجاح لهذا العام بالفرع العلمي 79 % وبالفرع الأدبي 51 % وفي الدراسات الخاصة 56 % فيما حصل ما يزيد عن 1189 طالب وطالبة على معدل يزيد عن 90% في إشارة إلى تميز طلاب هذا العام 2009 عن غيره من الأعوام الماضية رغم الحرب والحصار المتواصل إلى يومنا هذا .وقد أثنى النائب الدكتور عبد الرحمن الجمل رئيس لجنة التربية في المجلس التشريعي الفلسطيني على نتائج هذا العام وأعرب عن بالغ سعادته بالناجحين الذين أثبتوا أنهم قادرين على مواصلة طريق العلم والمعرفة رغم كل الظروف الصعبة.وأضاف الجمل إلى أن المحنة التي تعرض لهم الطلاب زادتهم صلابة وعزيمة على مواصلة طريقهم ، وما نتائج الثانوية العامة إلى ردا عمليا على الاحتلال .

    دموع الفرح

    وغلبت دموع الفرح على كلمات الأولى على قطاع غزة في الفرع الأدبي "روند الهور" التي تحدت جرائم الاحتلال وآلياته وأصرت على مواصلة دراستها رغم الدمار الذي حل بمنطقتها كغيرها من أرجاء القطاع ، وخرجت بمعدل 99.2 .وبحسب الهور فان تفوقها يأتي كنتيجة طبيعية لعام من التعب والجد، والتحدي للظروف القاهرة التي شهدت انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ، والدراسة في الجو الحار وتحت أصوات الرصاص والقذائف .وتضيف روند " رغم الفرح إلا أن الحزن يغلب على مشاعري كلما أرى أم أو أخت شهيد سقطوا في الحرب لاسيما من طلاب الثانوية العامة " .وقد امتزجت الفرحة بالألم والمرارة في منازل ذوي الشهداء مع صدور نتائج الثانوية العامة، وسط حالات استثنائية بين عائلات استشهد أبناؤها الطلبة، وأخرى نجح أبناؤها وتفوقوا رغم استشهاد ذويهم.فاستشهاد جاكلين أبو شباك لم يمنع والدتها من متابعة نتائج الثانوية العامة التي طالما تهيأت لها لتترقب اسم ابنتها في صفوف المتفوقين، لتجده مكتوبًا في قائمة شهداء محرقة غزة. وترقب العديد من أهالي شهداء غزة النتائج وهم يتخيلون اللحظات التي كان أبناؤهم سينتظرون النتائج إذا ما بقوا بينهم .وتقول والدة الشهيدة : "بمجرد أن سمعت نتائج الثانوية العامة، بدون أي شعور أو تفكير وجدت أصابعي تكتب اسم جاكلين". وكانت جاكلين 17 عامًا وشقيقها إياد 16 عامًا استشهدا داخل بيتهما في منطقة جبل الكاشف، الواقع إلى الشمال الشرقي من قطاع غزة، على أثر عيارٍ ناريٍّ في الرأس من قناصٍ صهيونيٍ .وكان الحافظ لكتاب الله محمود حماد على موعد مع التفوق عندما انتزع معدل 99.4 من بين فكي الحصار ، وقال " مهما تمادى الاحتلال في ظلمه وجبروته فلن يستطيع أن يضعف من شأن وعزيمة الطالب الفلسطيني الذي خرج من حرب غزة أقوى مما كان قبلها " .وتفاجأ محمود عطا السيقلي الحاصل على المركز الأول على قطاع غزة، والرابع على فلسطين بمعدل 99.5% في الفرع العلمي عندما سمع اسمه بين الأوائل على فلسطين.وقال سمعت المؤتمر الصحفي على المذياع الذي يعمل على البطاريات ولم أتمكن من رؤيته على الهواء مباشرة في التلفاز بسبب انقطاع الكهرباء .وبحسب محمود فان الحرب على غزة , كانت صعبة جدا على الجميع وخصوصا طالب التوجيهي, الذي كان ينتظر أشهر قليلة للامتحانات النهائية, قائلا" فرحتنا كان يطفو عليها بعض الحزن على أهالي الشهداء الذين كانوا من المفترض أن يفرحوا فرحتنا هذه لأبنائهم الذين استشهدوا قبل أن يقدموا الامتحانات ".وتعكس تلك الفرحة الممزوجة بالحزن حال غزة الباكي على شهدائه والذي يعيش ظروفا قاسية تحت براثن الحصار وحراب الاحتلال .