• شارك برأيك
    english

    دينار واحد ...منحة أمهات فلسطين لطلبة العلم

    انطلقت نهى وأكثر من عشرين موظفة في المؤسسة من زميلاتها في عمل خير، قليل بقيمته كبير بمعناه، حيث اجتهدت نهى وزميلاتها في جمع مبلغ دينار أردنيا "دولار ونصف تقريبا" من كل واحدة من الموظفات في آخر كل شهر، حيث تجمع ما يزيد على عشرين دينار شهريا منهن، ومن ثم تقدمه كمساعدة للمحتاجين، وغالبا ما تكون هذه المساعدة لطلبة الجامعات.

    أما نهى فتقول أن هذا المبلغ قليل، وهو عشرون دينارا، ولذلك فهي تضيف عليه من مالها الخاص، مثل المبلغ المذكور، ليصبح مجموع ما تقدمه تلك النساء 40 دينارا.

    وتقول نهى: "لقد أقنعت زميلاتي بالفكرة، فمبلغ دينار واحد كل شهر من رواتبهن لا يعد شيئا كبيرا، ولا يثقل عليهن أيضا، ولكن يبقى المبلغ قليل أيضا، ولذلك قمت بإضافة جزء أيضا من راتبي إلى المبلغ، لكي يصبح مقبولا أن تقدمه كمساعدة وخاصة للطلبة".

    دائمه وان قل

    وأضافت نهى "رواتبنا في المؤسسة قليلة، بحيث لا يتجاوز راتب العاملة فينا الثمانون دينار شهريا، ورغم ذلك فإننا نقوم بهذا العمل، وننتظر الجزاء من الله، ونحن وامتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم "أن الله يحب من العمل ادومه وان قل"، نقوم بهذا العمل، وسنحاول أن نجمع كما أكبرا من المال في المرات القادمة".

    وأوضحت نهى أنها تسعى وزميلاتها لإقناع زميلات ونساء أخريات لمثل هذا العمل، سواء الموظفات مثلهن بالمؤسسات، أو حتى العاملات في مكاتب ومشاغل خاصة.

    وحول آلية التبرع بالأموال التي تجمعها تقول نهى: "بعد أن اجمع المبلغ المذكور شهريا، أقوم بإعطائه لطلاب جامعة، بحيث يأخذ كل طالب جزء منه، يكفيه على الأقل في دفع مستحقات السكن أو مواصلاته إلى الجامعة".

    وتضيف نهى "نتحسس الفقراء جدا ونقدم لهم تلك الأموال، حيث نشجعهم أيضا على المثابرة والاجتهاد بالدارسة كي يساعدوا أنفسهم بأنفسهم ويتخرجوا بمعدلات عالية وبسرعة، كي يخففوا الحمل عن ذويهم".

    وأكدت نهى أن مثل هذه الأعمال تعود بالنفع عليها وعلى غيرها من الناس، فهي تكسب الأجر من الله عز وجل، وأيضا تساعد في حل مشكلات كبيرة تواجه الطلبة، "فهذا عمل إنساني وخيري ومن واجب كل مسلم أن يقوم بمثل ذلك، فطالب العلم والإنسان الفقير أيضا يجب أن يشعروا أن هناك من يقف معهم كي لا يايسوا من هذه الحياة".

     

    زيادة المبلغ

    في حين رأت أم العبد زميلة نهى في العمل أن ما يقدمنه هو اقل القليل، قائلة: "لو كان بمقدوري أن أقدم أكثر من ذلك لفعلت، ولكن أنا لدي ولدين يدرسان بالجامعة، وبالتالي يحتاجان مبلغا شهريا مني ومن والدهم".

    وأضافت أم العبد: "أنا اعرف حقا معاناة الطلبة، خاصة أن أبنائي بالجامعة، وبالتالي هم يحتاجون يوميا لمبلغ من المال وبصعوبة جدا نقوم أنا ووالدهم بتوفير هذا المبلغ، ولذلك فانا اشعر بمعاناة الأهالي في توفير أقساط أبنائهم ومصروفهم اليومي"، مشيرة إلى أنهن سيسعين لإضافة المبلغ وزيادته بعدما تتحسن ظروف عملهن.

    وعبر عبد الحميد أحد الطلبة المستفيدين من مساعدات نهى وزميلاتها عن شكره وامتنانه لمن يقدم له هذه المساعدات-رغم أنه لا يعرفهم- وقال أن المبلغ الذي يقدم له يساعده كثيرا في حل أزماته، وخاصة في المصاريف المصاحبة لدراسته، من شراء للكتب والمواصلات ومصروفه اليومي من طعام وشراب ولباس أحيانا كثيرة.

     

    وأضاف عبد الحميد "المبلغ الذي يقدم لي يسد قضاء بعض حاجياتي، وأحيانا أجده يحل لي أزمة كبيرة، خاصة أن والدي يتأخر أحيانا كثيرة في إعطائي مصروفي الشهري بسبب قلة عمله، فأحاول أن أتدبر بما يقدم لي من نقود وان كانت قليلة".

    لكن أميرة الطالبة أيضا في جامعة النجاح فقد منعتها صعوبة المواصلات وكثرة الحواجز التي تضعها القوات الإسرائيلية على الطرق من الوصول باكرا إلى جامعتها والالتزام بمحاضراتها ومواعيدها.

    ولذلك قررت أميرة أن تأخذ سكنا مع زميلاتها الطالبات في نابلس، ولكنها لم تكن تتوقع أن يحتاج لأجرة عالية، والتي تصل إلى 40 دينار في الشهر الواحد، ولكن المضطر يلجأ إلى أي وسيلة يتعلق بها.

    وبالفعل اتخذت أميرة سكنا عند زميلاتها، ولكنها أكدت أنها لم تدفع مرة واحدة الأجرة من مالها الخاص، وإنما كان يصلها إيجار السكن ولمدة الفصل الدراسي كاملا

    وقالت أميرة: "لي قريبة تعرف نهى وزميلاتها من النسوة، حيث أخبرتهن عن حاجتي ووضعي المالي، فقمن بتوفير مبلغا لي قيمته أربعون دينارا شهريا، حيث استطعت أن أدفع أجرة سكني منه، وبالتالي فهذه تعد مساعدة كبيرة لي، فقد وفرت ثمن المواصلات أيضا، وأرحت نفسي أيضا من عناء السفر يوميا".

    هكذا هم الفلسطينيون يساعدون أنفسهم، يحاولون ولو بالقليل سد رمق المحتاجين، ولا يمانعون إن منعوا اللقمة عن أفواههم وأطعموها لغيرهم من الفقراء والناس المحتاجين.