• شارك برأيك
    english

    أم سعيد.. باعت أثاث منزلها لتوفر لقمة العيش وحياة كريمة لأطفالها

    ام سعيد امرأة فلسطينية بذلت الغالي والنفيس من اجل تربية أبنائها على أفضل حال، حتى أثاث منزلها بعته، قطعة تلو الأخرى، لوم لها منه إلا القليل، شيء من الفرش يقيها حر الصيف وبرد الشتاء وبعض الأواني المنزلية التي تقضي بها حاجتها، ليس إلا.

    وكل ذلك كي تستطيع أم سعيد أن توفر لقمة عيش أبنائها الأم لاثني عشر طفلا، خاصة في ظل ما تعانيه الأراضي الفلسطينية من حصار خانق يكاد يأكل الأخضر واليابس، وعلى وجه مدينة نابلس وقراها التي تعاني الامرين بعد أن لفتها اسرائيل باكثر من ستة حواجز ثابتة وطيارة منذ انطلاق انتفاضة الاقصى في العام 2000.

    فقد دأبت ام سعيد للحفاظ على هذه الحياة الكريمة لها ولأسرتها من خلال عملها كمديرة مدرسة في قريتها، وبدأت اجراس الخطر تدق بابها بعد ان استمرت لعدة شهور دونما ان تتلقى أي راتبا من وظيفتها، وذلك بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل وأمريكا على الشعب الفلسطيني، وكل ذلك جعل منها ان تهيأ نفسها لعمل آخر تستطيع به تدبير أمورها هي وعائلتها خشية انقطاع هذا الراتب الذي لم يعد يسمن أو يغني من جوع.

    مهنة قوتها

    وقد استطاعت ام سعيد ومن طبيعة الحياة التي تعيشها وهي الفلاحة ان تجد عملا يتناسب وظروفها الحياتية، حيث لجأت إلى الطابون كي تنتج خبزا بلديا تبتاعه لأهالي قريتها والقرى المجاورة، وبثمنه -وان قل- تصارع هذه الحياه من اجل بقائها هي وأسرتها على حال يغنيها عن سؤال الناس.

    تقول ام سعيد لانسان اون لاين: "بحثت عن المستحيل، كي لا امد يدي الى أحد، الله كفاني شر المسالة، ولكن لا أخفيكم فوضعي يزداد سوء، لكن ما في اليد حيلة، فعاهدت نفسي ان ابذل قصارى جهدي، وأن اجد واجتهد".

    وام سعيد التي تكاد تدخل العقد الخامس من عمرها تركها زوجها بعد أن توفاه الله، وشقت طريقا جديدة في تحمل مسئوليات ليست بالقليلة تجاه اولادها، فقد أنجبت منه إحدى عشر فتاه وصبيا لم يتجاوز الشهرين حين توفى والده، تقارع الحياه بالخوف حينا وبالأمل احيانا اخرى.

    بكاء بعزة

    وأردفت أم سعيد وقد اكتحلت عيناها بالدموع تقول: "الحمد لله وفرت قوتنا اليومي، لكني لم استطع توفير قسط لاي من بناتي، وانت تعرف الحياة لا ترحم احد، حاولت البحث عن عمل لبناتي فلم اجد".

    وتابعت ام سعيد: "الحمد لله انا عدنا للدوام بالمدرسة، وأتمنى أن نستمر في الدراسة حتى استطيع توفير متطلبات الحياة لأنني أنا الأم والأب لأطفالي، ولم يتبق لدي أي شيء بعد ابتعت أثاث المنزل، سوى مصاغي الذهبي الذي اضعه ان حصل لنا مكروه لا سمح الله، ولكن الفصل الدراسي الجديد للجامعة على الأبواب، ولذلك سأبيعه كي ادفع قسط لابنتي، والذي يبلغ فقسطهم 780 دينارا أردنيا، ولعل وعسى ان تستمر الرواتب حتى استطيع اخذ قرض لكي أتمكن من توفير الإقساط لهم".

    وتضيف ام سعيد " لو لم تكن ابنتي من أوائل الطالبات لما أقدمت خطوة واحدة على تعليمهن، خاصة في ظل الظروف التي نعيش، ولكنهن متفوقات، "وان لم أقوم بتدريسهن فسأفقدهن، ويضعن مني".

    بالتفوق أساعد أمي

    وفي حديثنا مع مرام الفتاة الكبرى لام سعيد قالت: "اعرف ان وضع بيتنا صعب، وحالتنا كذلك، ولكن نحن نؤمن بان الله عز وجل لن يتركنا، والحمد لله أنا أحاول مساعدة أمي من خلال التقدم بدراستي في الجامعة، كي استطيع الحصول على أي منحة، كي اخفف عن والدتي".

    وتضيف مرام "المشكلة التي تواجهنا إننا كلنا فتيات، وبصراحة لن تكون الفرصة مهيأة بالنسبة لنا كي نجد العمل المناسب، فلو كنا رجالا لكان الأمر يختلف، وأخي ما زال صغيرا، لا يقدر على هذا العمل الشاق، ولكن لا بد أن نتغير الوضع مهما قست الأحوال علينا".

    حال أم سعيد وأسرتها لا يخفى على أحد، ولكن ظروفها ربما تكون اشد قسوة من ظروف الأسر الفلسطينية الأخرى، التي عانت وبلا شك اثر هذا الحصار الذي لم يتوقف الى الآن، وبل ويزداد عنفا ضد هذا الشعب الأعزل.