• شارك برأيك
    english

    الدورات التأهيلية .. حصن الفلسطينية في مواجهة الفقر

    دفعت ظروف متعددة المرأة في المجتمع الفلسطيني لاقتحام مجالات العمل لمجابهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها أسرتها وبيتها.فمع اعتقال الزوج تكون الأم والأب وتقع على عاتقها مسئولية التربية بغرس القيم والمبادئ القويمة في نفوس أطفالها، وعند غيابه تحت الثرى تتفاقم لديها المسئولية فتكون المعيل الوحيد للأسرة عليها أن تؤمن لأفرادها بعضاً من متطلبات الحياة الكريمة دون أن يؤثر ذلك على إمدادهم بدفء المشاعر والحنان والعطف .وأثمرت ظروف الحصار حالة من الفقر الشديد والبطالة ، أجبرت الكثير من الفلسطينيات البحث عن فرصة عمل تؤمنَّ بها الحاجات الضرورية لأسرهن، ومن هنا لجأت المرأة خاصة غير الحاصلة على شهادة جامعية للالتحاق بدورة مهنية تأهيلية تمكنها من كسب حرفة يدوية توفر لها دخل بسيط تشارك فيه أسرتها الواجبات المادية .برنامج دعم وتأهيل المرأة برز على الساحة الفلسطينية مركز دعم وتأهيل المرأة التابع لبرنامج غزة للصحة النفسية كأحد أهم المؤسسات التي تعمل على تأهيل النساء والفتيات الفلسطينيات اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا من خلال تنفيذه للعديد من الفعاليات في هذه المجالات.ما يميز المركز أن جل أهدافه تنمية الثقة بالذات لدي الفتاة والمرأة الفلسطينية وتعزيزها وتوسيع مداركها ومعارفها التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، ويعمل المركز على إعادة تأهيل الفتيات اللاتي لم يكملن مراحل تعليمهم عبر إلحاقهم ببرامج محو أمية التعليم ، وإكمال مراحل تعليمهن الثانوية والجامعية ثم توفير فرص عمل لهن بعد حصولهن على الشهادة الجامعية ، ويقدم المركز حزمة خدماته مجاناً ومن أهمها الدورات المهنية وأنشطة كسب المهارات والخبرات التي تمكنهن من الحصول على فرصة عمل مناسبة يستطعن من خلالها توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهن في ظل ما يعانوه من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة ومأساوية أيضاً، وتمتد دورات التأهيل لعدة شهور يتخللها عمليات إرشاد نفسي واجتماعي ، كما يقوم المركز بالتنسيق مع المؤسسات والمصانع ووكالة الغوث والتمويل لإيجاد فرص عمل تتلاءم مع إمكانيات وقدرات ومهارات وخبرات النسوة المؤهلات .بالإبرة تتحدى الفقرفي مكان حيوي اعتاد مئات اللاجئين الفلسطينيين من مخيم الشاطئ وحي النصر والشيخ رضوان بغزة المدينة اللجوء إليه هو العيادة الطبية التابعة لوكالة الغوث لتشغيل اللاجئين، هناك أقام الفلسطينيون سوقا تجاريا لبيع الملابس.هناك أي بالقرب من عيادة "السويدي " كما يطلق عليها محليا و من منزلها أيضا اتخذت نوال محلاً متواضعاً يحتوي فقط على ماكينة خياطة واحدة، وهدفها إيجاد مصدر رزق بعدما أنهت دورة في فن الخياط في مركز دعم وتأهيل المرأة.تقول نوال :" الحمد لله .. أنا سعيدة جدا بهذا العمل فهو قريب من بيتي وآمن ويكفي منه الدخل الذي يحققه لسد رمق أسرتي ، ،وآمل في القريب العاجل بتحسين وضع مشروعي الصغير أكثر فأكثر" .فتيات يتحدين الفقرصفاء فتاة فلسطينية في الثانية والعشرين من عمرها، أنهت مرحلة الثانوية العامة ونظراً لأوضاع أسرتها الاقتصادية اضطرت للتخلي عن الدراسة الجامعية وبقيت حبيسة جدران المنزل، وما هي إلا أشهر قليلة حتى عادت لتطرق أبواب التأهيل المهني أملاً في الحصول على فرصة عمل تمكنها أيضاً من إعالة أسرتها الفقيرة.وقالت صفاء لـ" إنسان أون لاين " :"اتجهت إلى برنامج دعم وتأهيل المرأة حيث انتظمت في دورات تدريبية لفن السيراميك، أقوم بصنع الباقات واللوحات الفنية الجميلة ذات ألوان الزاهية المتناسقة ومن ثم أبيعها وما يفيض من ربح بعد جمع تكاليفها وهو زهيد جداً أحاول توفير بعض احتياجات أسرتي منه ، وأحياناً يكون الربح فقط ثمن المواصلات لوسط البلد لجلب المواد الخام لعمل أشكال فنية جديدة يطلبها الزبائن ، لكني الحمد لله راضية في كل الأحوال " ، فالهدف الرئيسي لصفاء بعد مساعدة أسرتها في ضائقتها هو أن تكتسب مهارات تؤهلها لأن تكون إنساناً منتجاً لا عالة على أسرتها ومجتمعها.ولا تختلف عنها كثيراً زميلتها هبة التي راوحت مدة عملها في السيراميك العام والنصف ، فهي تعاني ذات الأوضاع الاقتصادية الصعبة ، تقول هبة أنها إذا قامت بعمل باقات وأعمال فنية بقيمة 200 شيكل ( الدولار أقل من 4 شيكل ) فإن نسبة الربح فيها لا تتعدى العشرين شيكلاً ، والسبب أن الكثير من الناس يريدون الحصول على ما تصنعه بأسعار زهيدة وفي ظل ضعف القوة الشرائية تضطر للبيع بأسعار زهيدة لا تحقق لها الربح الوفير ، مشيرة إلى أن ما تكسبه يساعدها في إعالة أسرتها المكونة من 13 فرداً حيث لا يستطيع والدها أن يوفر كافة احتياجات الأسرة .هبة تأمل أن يتحسن وضعها الاقتصادي وأن تتمكن من فتح محلاً لبيع أعمالها لتحقيق انتشاراً أوسع وربحاً أوفر لها ، مؤكدة أن كل حلم يمكن تحقيقه بالإرادة والإصرار والصبر والمثابرة وأيضاً بالتميز والإبداع ، مستطردة :" إذا كانت أعمالي متميزة بالتأكيد سيكون إقبال الناس عليها أكثر وبالتالي الربح سيكون أكبر" .مشكلات سببها عنف اقتصاديوحول هذه القضية أكدت الأخصائية الاجتماعية جواهر بركات في حديث خاص بـ" إنسان أون لاين " أن المرأة الفلسطينية أصبحت تعاني من ضعف الأوضاع المادية وضيق الأحوال المعيشية في ظل تقاعد الزوج عن العمل ، وتضيف بركات :" هذه الظروف دفعت المرأة والفتاة الفلسطينية إلى اللجوء إلى مراكز التأهيل الخاصة بها لتجد ضالتها في الانضمام للدورات المهنية وكسب المهارات والخبرات التي تمكنها من الحصول على فرصة عمل مناسبة تستطيع من خلالها توفير الاحتياجات الأساسية لأسرتها في ظل ما تعانيه من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة ، بل ومأساوية أيضاً ".وتذكر هنا نموذج مركز دعم وتأهيل المرأة المقام على أرض مخيم الشمالي " غرب غزة " فهو وجد وسط بيوت تلك النسوة ، وجل جهود القائمات عليه تنصب في التأهيل المهني للنساء عبر عقد الدورات التدريبية في مجلات مختلفة كالخياطة وحياكة الصوف ، بالإضافة إلى دورات الرسم على الزجاج و تنسيق الزهور ولا يغفل أيضاً التأهيل المهني في مجال الكمبيوتر والفيديو بعقد الدورات المتخصصة التي تمكن النسوة بعد اجتيازها بنجاح من الحصول على فرصة عمل مناسبة تعينها على سد احتياجات أسرتها الفقيرة في الغالب .وتوضح بركات أنه يتم إدراج المرأة في دورات التأهيل وفقاً لتطلعاتها، لافتةً أن دورة التأهيل تمتد لستة أشهر تنهل خلالها مهارات وخبرات تزيد من قدراتها وتفعل نشاطها عبر توعيتها بضرورة البدء بمشروع صغير خاص بها يعينها على تفاصيل حياتها الصعبة، وتسترسل قائلة "بعد اجتياز النسوة مرحلة التأهيل المهني وما يتخللها من عمليات إرشاد نفسي واجتماعي يعمل المركز على التنسيق مع المؤسسات والمصانع والوكالة والتمويل لإيجاد فرص عمل تتلاءم مع إمكانيات وقدرات ومهارات وخبرات النسوة المؤهلات من شأنها أن تنأى بهن عن خطر الفقر وشر السؤال والحاجة للغير ومن ثّم تستمر عملية متابعتها في إطار العمل للتأكد من نجاحها واستفادتها من دورة التأهيل التي تلقتها" .من ناحية أخرى توضح بركات أن نجاح المرأة المؤهلة لا يقتصر فقط بحصولها على فرصة عمل خارج المنزل بل إنه ينطوي عليه أيضاً نجاحها في العمل من داخل أروقة منزلها ، مؤكدة أن عدد من النسوة المؤهلات لم يستطعن الخروج للعمل في المؤسسات ونجحن في العمل من داخل منازلهن إذ كان يتعذر عليهن الخروج للعمل وترك أطفالهن بلا رقيب أو متابع خاصة في ظل صغر أعمارهم ، ويزداد نجاح المؤهلة عند إفادتها لغيرها بما تعلمته في دورة التأهيل المهني .