• شارك برأيك
    english

    كنعان وولده يرفعان شعار "لا يأس مع الإبعاد"

    "الإبعاد ..مبعد".. كلمتان متقاربتان بالحروف والألم والمعاناة جعل منهما المُبعد فهمي كنعان قصة تحدي، رافضا الاستسلام لواقع الاحتلال، ومخططاته الساعية لهدم حياة الفلسطينيين، وجعلهم أصفارا على هامش الكون.

    كنعان، كان قد أُبعد من مدينته الأصلية "بيت لحم" في عام 2002، بعد أن حوصر هو والعشرات من المقاومين الفلسطينين في كنيسة المهد في بيت لحم لمدة 40 يوما من قبل جيش الاحتلال، وانتهت القصة باتفاق قضي بإبعاده هو و26 آخرين إلى مدينة غزة، و13 مقاوما إلى الدول الأوروبية.

    ومنذ ذلك الوقت، باءت كل الجهود لإعادة المبعدين إلى مدينتهم بالفشل، ولم تفِ كل الجهات التي وعدت بالعمل على إعادتهم بوعودها، ليبقى هؤلاء المبعدين "لاجئين داخل ديارهم".

    ورغم إبعاده لم يستسلم كنعان، لهذا الواقع الأليم؛ حيث الغربة "داخل الوطن"، والبعد عن الأهل والأحباب، وإبعاده عن مصالحه الشخصية هناك، فقرر البدء من جديد.

    ورغم مرور 15 عاما على حصوله على شهادة الثانوية العامة، والتي انتزعها من داخل سجون الاحتلال، قرر كنعان اقتحام غمار الدراسة الأكاديمية رغم كل الصعوبات، وتمكن من التخرج بتقدير "امتياز".

    ونقل كنعان هذا التحدي إلى داخل أفراد أسرته التي حملت قضية الإبعاد معه من بيت لحم إلى قطاع غزة ليجاوره طفله محمد، والذي أدخل الفرحة على قلب والده بإتمامه حفظ القرآن الكريم كاملا في أقل من شهرين رغم أنه لم يتعدَ سن العاشرة بعد.

    في لحظات الفرح هذه التي عمَّت منزل المبعد كنعان شارك موقع mbc.net فرحتهم عبر التهاني لهما في استضافتهما عبر سطور أملها التالية:

    لا يأس مع الإبعاد

    بفرحة كانت واضحة على المبعد فهمي حينما حصل على شهادة التخرج بامتياز في تخصص الخدمة الاجتماعية من جامعة القدس المفتوحة قابل بها مراسلة موقع mbc.net، خاصة أن قلبه حمل فرحة حفظ طفله محمد القرآن الكريم رغم الإبعاد الذي دخل في عامه السابع عن الأهل والأصدقاء والبيت الذي جمعه مع زوجته عطاف.

    وقبل أن يتحدث فهمي أية كلمة بمجرد أن حمل في يده شهادة التخرج اتصل مباشرة بوالدته أم صالح في بيت لحم ليقول لها والابتسامة قد زينت كلماته "باركي لي يا أمي الحبيبة ها قد حققت حلمي وتخرجت من الجامعة بامتياز" لتتبعها مباشرة زغاريد قادمة من صوت والدته الحنونة التي وقفت معه في كل مرحلة من مراحل حياته، وخاصة معاناته في سجون الاحتلال قبل إبعاده.

    وكان كثير ما يقطع فهمي حديثه ليرد على هاتفه النقال من كثرة المهنئين له من الأهل والأصدقاء في بيت لحم.

    وأوضح بأن قضية الإبعاد رغم صعوبتها ومعاناته إلا أنها غيرت الكثير في داخله لتجعله دائما يرفع شعار "لا يأس مع الإبعاد".

    وتمنى كما لو كان طفلا في سن طفله محمد، أن يركض مباشرة بعد أن حصل على شهادة التخرج من الجامعة إلى أحضان والدته إلا أن الاحتلال الإسرائيلي أراد أن يقتل الفرح في قلوب الفلسطينيين؛ حيث إنه منذ يوم الإبعاد عام 2001 م لم يرَ والدته أو والده أو أحدا من أفراد عائلته، حيث إن الزيارة ممنوعة من الضفة إلى غزة ومن غزة على الضفة.

    فرحتان

    يضيف كنعان "أجمل ما في هذا العام أنني شاركت أخي الأصغر قاسم في بيت لحم فرحة التخرج من الجامعة؛ حيث إنه تخرج هذا العام من كلية الحقوق، فكم تمنيت أن أكون معه وسط فرحة عائلتنا بنا".

    وعاد بالذاكرة حيث عادات بيت لحم في المناسبات السعيدة؛ حيث يتم توزيع قطع الشوكلاته والعصير على الأهل والجيران والأقارب ويتم تقديم الهدايا.

    وبين أن المناسبات السعيدة عادة تمتزج لديه بالألم؛ خاصة لأنها مناسبات تعيد معه الكثير من الذكريات الجميلة في بيت لحم.

    درع العائلة

    وكان دائما الطفل نصر الله نجل فهمي يسأل والده "بابا متى سوف أتعرف على عائلة كنعان وعلى أهلي وأقاربي؟".

    وتابع فهمي "دائما أطفالي يسألونني متى العودة إلى بيت لحم؟ فهم يجمعون بين الولادة في بيت لحم والبعض الآخر من مواليد غزة".

    وأشار إلى أنه من عادات عائلة كنعان بأن تقوم كل عام باجتماع عائلي يتم من خلاله صناعة درع لأفراد العائلة المتميزين، وقد تقرر هذا العام صناعة درع تميز لطفلي محمد لحفظه للقرآن الكريم.

    واستكمل حديثه وشعوره بالفخر بأطفاله "حينما يأتي أطفالي بشهاداتهم المدرسية وهم متفوقون أقوم بإرسال نسخة لأهلي من خلال الفاكس، فكانت والدتي حينما ترى النتائج تفرح وتقول للأهل في بيت لحم رغم الظروف والبعد إلا أن أحفادي متفوقون في دراستهم".

    جدتي حفظت القرآن

    هذا الشبل من هذا الأسد، هذا ما انطبق على الطفل محمد حينما تعلم من والده معنى التحدي والإصرار مهما كانت الظروف، وكما شارك والده الإبعاد والتحدي والإصرار أيضا شاركه فرحة كبرى تكمن في حفظه للقرآن الكريم.

    وكما فعل والده بالاتصال مباشرة بوالدتها ليخبرها بتخرجه فعل مثله واتصال بجدته ليقول لها "جدتي الحبيبة لقد حفظت القرآن الكريم كم أتمنى أن تكوني أنت وجدي معي لتشاركاني فرحتي بحفظ القرآن الكريم..".

    وذكر بأنه كثير ما يفتقد جدته وجده وأقاربه، خاصة حينما يتسلم شهادته المدرسية وهو حاصل على معدل 99,6% في الصف السادس الابتدائي، مبينا بأنه سوف يشتاق لأصدقائه في قطاع غزة في حال عودته إلى بيت لحم.

    وفي قرب قدوم شهر رمضان المبارك تمنى محمد أن يجلس مع أفراد عائلته الكبيرة حول مائدة إفطار واحدة في بيت لحم.

    للحجر والشجر

    وفي عودة سريعة إلى الذكريات التي حملها فهمي حينما تمنى أن يعود لمنزله في بيت لحم وينظر من خلاله على شجر وحجر بيت لحم، خاصة أن منزله مقيم على قمة مرتفعة تجعله يرى من خلاله المدينة، "لقد اشتقت لكل شيء في بيت لحم وحتى الشجر والحجر".

    واستكمل حديثه بأن أي شيء يحدث في غزة يزيد ذلك من دقات قلب عائلتي في بيت لحم للخوف علينا، خاصة أن غزة دخلت في عامه الثاني في الحصار الذي طال كل شيء في غزة".

    وكما سبقه طفله محمد بأمنيته بالعودة إلى بيت لحم والاجتماع حول مائدة رمضان قال "كم أتمنى أن أجتمع هذا العام في رمضان مع أفراد عائلتي في بيت لحم كما كنت أفعل معه من قبل، فالإفطار بوجودهم له طعم آخر أفتقده كثيرا في بعدي عنهم".