• شارك برأيك
    english

    الشاب درويش.. ذاكرة احتضنت خمسة آلاف شهيد فلسطيني

    الشاب درويش.. ذاكرة احتضنت خمسة آلاف شهيد فلسطيني

     

     

    "بداية مشواري في حفظ أسماء الشهداء وتواريخ استشهادهم كانت في اليوم الذي قتل فيه الاحتلال الإسرائيلي الطفل محمد الدرة في حضن والده  (...) أحفظ الآن أكثر من خمسة آلاف شهيد وأمتلك ما يزيد عن الثلاثة آلاف صورة لهم"، بهذه الكلمات بدأ الشاب طارق درويش (21 عاماً) حديثه الذي استرجع خلاله ذكرياته مع شهداء فلسطين الذين ارتقوا خلال انتفاضة الأقصى والحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

    ويقول الشاب الفلسطيني: "أحب الشباب الذين استشهدوا في سبيل الله والوطن لأنهم دفعوا أغلى ما يملكون ولذلك أحفظ أسماء عدد هائل منهم وتواريخ وأماكن استشهادهم وكيفية ارتقائهم".

    ثلاثة آلاف صورة

    ويضيف درويش "إضافة إلى الأرشيف الذي أحتفظ به في ذاكرتي جمعت أكثر من ثلاثة آلاف صورة للشهداء أقلبهم بين فترة وأخرى حتى يبقوا محفورين في مخيلتي (...) أنا بالفعل أعشق هؤلاء الشهداء". وعن الآلية التي حفظ فيها هذا العدد الكبير من أسماء الشهداء يوضح أنه عندما ينظر إلى صورة أي شهيد أو يسمع عنه في وكالات الأنباء يحفظ اسمه وتاريخ استشهاده تلقائياً دون أي عناء يذكر.

    ويتمتع الشاب ذو البشرة السمراء بعلاقات اجتماعية قوية فيعرفه الكثير من شباب قطاع غزة حيث يحتفظ في ذاكرة هاتفه النقال بأرقام أكثر من 1400 شخص من مختلف محافظات القطاع.

    بيت درويش المتواضع في مخيم المغازي وسط قطاع غزة أصبحت تؤمه عشرات وسائل الإعلام والمصورون للالتقاء به وتصويره مع أرشيف الشهداء. وعن طريقة جمعه للصور بين درويش وهو ينظر إلى عدد منها أنه كان يذهب إلى بيوت العزاء ويطلب صور الشهداء من ذويهم.

    ويروي درويش قصة طريفة استذكرها وهو ينظر إلى الصور قائلاً: " ذهبت لأحد بيوت الشهداء لأحصل على صورة فقابلني شقيقه فطلبت منه صورة لأخيه فقال لي أنت طارق درويش ؟، فأجبته صدقت هل تعرفني ؟ فأردف لا لكن شقيقي سمع عنك وكان يتمنى أن يقابلك وأوصاني أن أعطيك عشر صور".

    ولم يخفِ الشاب الغزي بعض الصعوبات التي واجهها من بعض أهالي الشهداء عندما يسألونه لمادا تريد هذه الصور؟!. ويأمل درويش بتطوير أرشيفه ليصبح كتاباً يتناول فيه أسماء الشهداء وجوانب من حياتهم الجهادية.

    فقدت 26 صديقاً

    وعند سؤاله هل تحفظ أسماء شهداء الحرب الأخيرة على القطاع جال درويش برأسه نحو السماء وتنهد ببطء قائلاً: "رحمهم الله لقد فقدت خلال الحرب 26 صديقاً كنت أجتمع معهم دائماً وأفطر عندهم في رمضان الماضي وأزورهم في أيام العيد". ويضيف: "ابتعت دراجة نارية لأزور أهالي شهداء الحرب الأخيرة على القطاع جميعاً وأطلب صورهم من أهلهم وسأقوم بذلك الشهر القادم إن شاء الله".

    ويذكر درويش حكايته مع صديقه الشهيد طارق حميد منفذ إحدى العمليات الاستشهادية في مستوطنة كفار داروم عام 2004. ويقول درويش: "كنت أنا وطارق أخوين بالرغم من فارق السن الكبير بيننا ولم يكن يمر يوم حتى نلتقي فيه وفي الليلة التي سبقت استشهاده تناولت طعام العشاء معه وقال لي هذه آخر ليلة أقضيها معك، وذهبنا بعد ذلك إلى المقبرة وفور وصولنا بدأ بالحديث عن الجنة والنار ويوم القيامة".

    ويضيف: "وفي تلك الليلة ذهبت معه للقاء بعض أصدقائه وقبيل فراقه احتضنني بقوة وطلب مني قبل أن تنهمر دموعه أن أدعو له بالتوفيق"، موضحاً أنه في اليوم التالي سمع نبأ استشهاده.