• شارك برأيك
    english

    اسر المحرومين في فلسطين يخشون قدوم العيد

    اختزنوا دموعهم حتى باتوا لا يعرفون على ماذا سيبكونها، أهي ستكون على أب تركهم في دنيا ظلماء لا يرحمون فيها أبدا أم على أب أسير لا يعرفون متى وكيف وأين يلقوه، أم على عيد سيأتي عليهم دون ان يعرفوا له طعما، مهما اصطنعوا من المجملات والمحسنات على أنفسهم كي يبدو سعداء.ربما يكون هذا حال الفلسطينيين عموما، لكنه بالـتأكيد سيكون حال الأطفال الذين حرموا عطف الآباء ، الذين لم ولن يعرفوا لحياة طعما، وهم بعداء عن حضن أمهاتهم وآبائهم، والذين لن يجدوا ما سيعوضهم على غمرة من أم رءوم أو ضمة صدر من أب حنون، وما لاشك فيه فان معاناتهم ستكون أقسى وأمر إن فقدوا الاثنين معا.ماذا تقول؟!أم عزام زوجة المرحوم محمود عبد الله من محافظة نابلس تقول: "كل صور المعاناة والقسوة نلقاها في العيد في غياب زوجي ورحيله وقد اعتدنا على رؤيته في هذا اليوم، فالفرحة ستبقى مستحيلة وستبقى منقوصة ما دام دمنا يراق وما زلنا مشردين "وتابعت أم عزام وقد اكتحلت عيناها بالدموع "في الحقيقة لا أكاد أجد قوت يومي، وأقوم بتدبير أموري من بيت أهلي، وأصبح والدي مكلف بي وبأولادي بعد رحيل زوجي، ولا يمكنني ان أتصور نفسي وأنا بلا راتب أو حتى أدنى دخل، وأخشى أن يقول احد أبنائي أمي نريد ملابس العيد أو كعك العيد، وحينئذ فلا مأساة اكبر من ذلك ولا ادري أي حزن سيلفني".وأشارت ام عزام أنها ومنذ ما يزيد عن سنة كاملة لم تتقاض أي راتب، ولم يصرف لها أي شيء، وكل ذلك بالفعل سببه واحد وهو حالة التشرذم الفلسطيني الموجود على الأرض، وقالت: "حاولت عدة مرات ان أبحث عن عمل كي أساعد أهل بيتي في توفير مستلزماتهم لكني لم أجد، وان وجدت فهناك استغلال كبير لنا وخاصة نحن الأرامل، فهم يظنونا أننا نود ان نشحد لا ان نعمل، علاوة عن المضايقات الأخرى التي ربما تفقد".لا عائل ولا معيللكن مها فحالها يبدو انه أسوأ، وخاصة أنها لم تعد أخت شهيد فقط وإنما أصبحت زوجة لأسير لا تدري متى ينطق الحكم بحقه بعد مضي أكثر من عام على اعتقاله أو حتى لا تدري متى يفرج عنه.وتلقي مها باللوم على المسئولين في توفير قوتها وما تحتاجه من ملابس لأولادها الثلاثة في العيد، محملة جميع الأطراف المسئولية الكاملة، "فنحن في ظل هذه التجاذبات السياسية لا نملك من أمرنا شيء، ونحن الضائعين".وقالت مها " العيد يأتي هذا العام وحالنا يسوء أكثر فأكثر، فبالإضافة إلى أننا نفتقد الأحبة والأصدقاء أصبحنا منسيين، وبعد ان كنا نتلقى مبالغ قليلة من المال نقضي حاجتنا بها، أوقفت هذه الرواتب وأصبح ينظر إلينا نظرة الأسر المحتاجة والفقيرة، بل أننا أصبحنا عالة على المجتمع كما يتقول الكثيرون علينا".وتساءلت مها كيف بإمكانها ان توفر ملابس العيد لأسرتها ولأطفالها؟ وهل ستستطيع كما في كل عام ان تقوم بتنظيف الملابس ومحاولة إظهارها وكأنها جديدة؟ وهل سيقتنع أطفالها رغم كبر سنهم بذلك؟ لكنها تتابع قائلة: "لا املك غير هذا الأمر، فالمبلغ المطلوب كي افرح أبنائي في العيد كبير جدا، والى الآن لم يصلني أي راتب"، مؤكدة ان هذه هي المأساة بعينها".وتخشى مها وغيرها الكثيرات أيضا من أن يتم تحويل رواتب أزواجهن الى وزارة الشؤون الاجتماعية، بحيث يتقلص الراتب الأصلي، وتصبح حالتها اجتماعية بحتة وبحاجة الى بضع دولارات كي تقضي بها حياتها، لا زوجة أسير يعاني آلام الاحتلال وظلمه داخل معتقله.أسعار تنهش لكن أم خليل -أرملة- لم يغب عن بالها يوما ما كيف سيكون موقفها إذا طلب احد أبنائها منها شيء، غير أنها تصبر نفسها على ذلك وتعينها بكثرة الدموع التي حين تظرفها لا تعرف لها بداية من نهاية.وتحدثنا أم خليل والحزن يعتصر قلبها: "منذ أن فقدت زوجي الذي كان يعمل بأحد الاجهزة الأمنية منذ اكثر من ثلاث سنوات ونحن لا يصلنا راتبه بشكل متواصل، وحتى ان راتبنا كاسرة لا نتلقاه إلا اقل القليل منه، وكل ذلك بفضل الحالة السياسية التي نعيشها، ونحن من نضيع بين الأرجل".وأردفت ام خليل قائلة: "العيد اقترب ومع ذلك فلا يوجد أي اهتمام بنا كاسر وكزوجات شهداء وأسرى أيضا، وحتى رواتب أزواجنا التي هي حق لنا لا نستطيع ان نحصل عليها، وإذا ما كان ذلك فهو اقل القليل ونأخذها بشكل متقطع، ومنذ ما يزيد على سنتين على هذا الحال".وأشارت ام خليل الى ان هناك مشكلة أخرى تواجهها والكثيرات من العائلات المحرومة ، وهي مشكلة غلاء الأسعار الفاحش.وقالت أم خليل: "هذه مشكلة أخرى تواجهني بالإضافة الى انقطاع الرواتب، فلا يوجد هناك رقيب أو حسيب على جشع التجار الذين كانوا حتى قبل ارتفاع الأسعار يرفعون أسعار مبيعاتهم على هواهم وبالذات وقت المواسم".قصص الأطفال المحرومين كثيرة وأسرهم لا تقف عند حد معين، ويبقى الأمل هو الوجبة الدسمة التي يعتاشون عليها ليل نهار، ويبحثون بكافة الطرق كي يوفروا لأنفسهم وأطفالهم حياة ليس إلا كريمة.