• شارك برأيك
    english

    الحصار يهدد أمل المريض الكردي بالحياة

    بنظرات حائرة تلف المكان من حوله ، تبدو أنها تتشبت بالحياة التي بدأت نهايتها تقترب جراء الألم الذي أجهز عليه ، ينظر نائل الكردي من على سرير مرضه في مجمع الشفاء الطبي إلى العالم الذي بات صغيرا في عينيه الغائرتين لعله يجد ضميرا حيا يخرجه من عزلته التي فرضها عليه المرض والحصار معا.قبل عام ونصف شخص الأطباء ورما سرطانيا في خصية الكردي ، حيث بدأ مشوار المعاناة يشق طريقه في ظل حصار أخذت خيوطه تلتف على رقبة المرضى الذين أصبحوا يبحثون عن قشة تنقذهم من غرق المرض القاتل .الكردي الذي يبلغ من العمر واحد وعشرين عاما كان يعمل بائع للفلافل في إحدى مطاعم غزة الشعبية ، يعيش في أسرة تضم ثمانية أفراد من بينهم أربعة ذكور ، حرصوا على رعايته في مرضه بعدما وافت المنية والده .لم يجد المريض سوى السفر إلى مصر لتلقي العلاج ، حيث تم تحويله من قبل وزارة الصحة وتعرض هناك للعلاج الإشعاعي ، قبل أن يعود إلى القطاع .وقال: "شعرت بالألم مرة أخرى وبدأ وضعي الصحي يتدهور فعدت إلى مصر من جديد لعلي أجد العلاج المناسب هناك " بصوت خافت واصل الكردي حديثه عن معاناته المستمرة مع المرض حيث داوم على العلاج في مجمع الشفاء قبل أن يقرر الأطباء تحويله إلى داخل الخط الأخضر لاحتياجه لفتحة في القنوات المرارية لعلها تخفف من الألم الذي يشعر به .قوات الاحتلال رفضت الطلب الذي تقدم فيه المريض ثلاث مرات لاجتياز معبر بيت حانون كي يتمكن من الوصول إلى مستشفيات الداخل ، إلا أن ردها المتكرر كان " مرفوض أمنيا ".الكردي الذي يجلس على عربته المتحركة حيث لا يقوى على الحركة تساءل "

    حالته الصحية

    الطبيب المعالج أشار إلى أن حالته الصحية بات ميئوسا من تحسنها ، حيث تم تزويده بأربع جرعات كيماوية ، ويعاني من تليف في الكبد واتساع بالقنوات المرارية ومياه في البطن .ورأى الطبيب أن وضعه الصحي لم يعد يحتمل علاجا كيماويا كما كان في السابق.دخلت الغرفة التي يرقد بها المريض الكردي ليبادرني بالسؤال ماذا قال لك الدكتور ، فقلت يقول أنك ستكون أفضل ، فرد قائلا " متقولش أفضل ، أنا حالتي بتدهور ، كيف أكون أفضل ، فقلت " ربنا قادر على كل شيء " .الاصفرار الذي بدا واضحا على وجه وأعين الكردي يزداد من فترة لأخرى مع انتشار المرض في جسده وسيطرته عليه ، إلا أن الحصار يقف حائلا دون التخفيف عنه .غادرت غرفة المريض الذي راقبت أعينه حركتي وأنا متجها نحو الباب ، وقال " وكتيش بده يفتح المعبر " ، تركت المريض وخرجت فكان شكوى مريضة مسنة من حالتها الصحية حاضرة في قاعة الانتظار وهي تقول " وضعنا صعب كثير ، الله يفرجها " ، في إشارة منها إلى الحصار الذي طالهم ولم يعدوا يجدوا الدواء الكافي لهم وذلك لمنع الاحتلال من دخوله

    لماذا يرفضون السماح لي بالدخول هل الكرسي بات يشكل خطر على الاحتلال ؟ أم أنهم يتلذذون على معاناتنا ؟ الحياة باتت كئيبة ، وأشعر بأنني أذهب للأسوأ

    على كرسيه المتحرك دخل نائل إلى طبيبه المعالج يقول له " كيف أصبح حالي يا دكتور ، مش حاسس بتحسن ، كل اشي بأشربه بعاود أرجعه " ، لم يجد الطبيب سوى القول له بأنك ستصبح أفضل يا نائل ، لا تخف " .التف نائل بكرسيه متجها إلى خارج غرفة الطبيب ليعود إلى سريره الذي اعتاد عليه في قسم الأورام والدم ، حيث رجع ليغطي جسده النحيل بحرامه ويجلس محني الرأس ينتظرني كي أخرج من عند الطبيب .