• شارك برأيك
    english

    أم خالد .. صمود في وجه ظروف العيش الصعبة

    في بيت متواضع بالكاد تدخله الشمس ويتوفر بداخله أدنى متطلبات الحياة تسكن أم خالد "50 عاما" وعائلتها التي تحوي عدة معاقين في إحدى أزقة البلدة القديمة في مدينة نابلس.وتسعى أم خالد منذ أمد طويل إلى البحث عن أية وسيلة للرزق تعيل بها أسرتها، خاصة في أوضاع كأوضاعها، وفي ظروف لا يرحم فيها الإنسان السليم، فكيف بذوي الاحتياجات الخاصة؟!.التقينا بأم خالد التي شرعت بالحديث معنا وقد أوشكت الدموع تتدحرج من بين عينيها لتقول: "زوجي توفى منذ سنتين، حيث كان يعمل بالبناء ولا يوجد لنا معيل سوى الله، وبعض ما نتقاضاه من المحسنين بين حين وآخر".

    العمل بأقل الممكن

    وأوضحت أم خالد انها تسعى ومنذ وفاة زوجها للبحث عن أي عمل تعتاش من ورائه هي وأسرتها، خاصة في تلك الظروف المأساوية التي تعيشها العائلة، وتضيف: "عملت في بيوت الناس، وسعيت لرفع أي معنى للذل عن عائلتي، فبعض البيوت كنت أقوم بتنظيفها يوما بعد آخر، ومنهم من كنت انظف بيوتهم بشكل أسبوعي، اضافة الى ذلك، فانا اقوم بمساعدة بعض النساء بتحضير اطعمة معينة معهن كقرط الملوخية، وحفر الكوسا و الباذنجان وعمل الصفيحة كي استطيع ان أعيل أولادي الخمسه ولا ادعهم يسالون الناس، وهذه طريقة لجأت اليها، لانها لا ترهقني وتدر علي دخلا جيدا".وحال ام خالد تظهر فيه المعاناة اكثر من غيرها، فقد شاء لها القدر ان تتزوج ابن عمها وتنجب منه ستة من الأطفال (3 ذكور و3 إناث) بينهم اثنان معاقين حركيا واثنان اخران معاقين عقليا واثنان منهم اصحاء ولله الحمد.واردفت ام خالد قائلة: "لا بد من تقبل الطفل المعاق واحترامه والاعتراف بإعاقته وعدم الخجل من انتمائه للأسرة والتعامل معه بصبر واحتساب وطلب الأجر من الله في الإحسان إليه".تتابع ام خالد "أحاول منذ صغر أطفالي ان اكتشف نقاط القوة لديهم وأحاول تنميتها، ولا أتعامل معهم على أنهم عاجزون أشركهم معي في أعمال البيت من تنظيف وترتيب، وأحيانا أشركهم في الأعمال الخفيفة التي لا تحتاج الى مجهود كبير مثل فرز الأواني".  

    لا تعرف من أين تلملم جراحها

     

    وأضافت دامعة :" ابني البكرخالد يبلغ من العمر"22عاما" وصحته جيدة وغير معاق، ويعمل حدادا في المنطقة الصناعية بعد ان انهى دراسته في كلية النجاح، ولم يشأ له القدر ان يعمل في دراسته المحاسبة فعمل في الحدادة، وقد قمت بتزويجه من فتاه غريبة والحمد لله رزق بطفل سليم بفضل الله. وابنتي هند"20عاما" ام التي تليها فهي مصابة باعاقة عقلية، وضعف في البصر، أحاول ان انمي قدراتها العقلية لكن دون جدوى فهي دائما تقوم بتخريب كل ما تراه أمامها وتحطيمه وتستفز من بجانبها بإزعاجه بكثرة الكلام والمضايقات بشتى الوسائل".وتتابع ام خالد واصفة حال ابنائها: "يلي هند اخيها سعيد" 18عاما"، فهو معاق حركيا ولديه ضمور في نمو أطرافه، لكنه ذكي جدا ويحاول مساعدتي عن طريق تذكيري بجميع أعمال البيت، وما أنسى من مواعيد، ويحاول ان يساعدني بتعليم أخوته وقص القصص عليهم لتسليتهم".وقالت: "أما ساجدة "16 عاما" فإعاقتها تكمن في هدوئها غير الطبيعي فهي لا تتحرك او تتكلم إلا ما ندر، حيث أنها تبدأ يومها من الصباح تصلي وبعدها تتناول الإفطار وتجلس في غرفتها حتى موعد الصلاة والطعام، حيث أنني لا أحس بوجودها بالبيت، وحاولت مرارا ان أشركها في أعمال البيت دون جدوى، وهي تنزعج من كثرة كلام أختها هند وتفضل البقاء في الغرفة وحيدة تنام وتستيقظ وأحيانا تجلس في ساحة المنزل دون أي حراك".وأضافت "أما محمد "15عاما" يعاني من اعاقة عقلية وبطء في الحركة وحجمه متوسط لكنه يساعدني في معظم أعمال البيت ولا يؤذي احدا ".واختتمت ام خالد حديثها عن أبنائها بوصف ابنتها نهاية 12 عاما التي عوضها الله فيها، "نهاية معافاة كأخيها خالد، وهي الآن في المدرسة من المتفوقين الحمد لله وابني أملي بالله عليها كي تتعلم وتساعدني في النفقة على أخوتها".هكذا هو حال ام خالد مع ابنائها الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولم تعد تجد من يوفر لها قوت ابنائها ، رغم سعيها المتواصل للبحث عن عمل لإعالتهم، فهم وكما تقول: بحاجة لرعاية كاملة ومبالغ طائلة تتطلب مصروفا كبيرا، وأنا بصراحة وبعد وفاة زوجي لم يعد لدي قدرة على تلبية جميع متطلباتهم، وهذا الأمر أرهقني للغاية.