• شارك برأيك
    english

    الحطب.. وقود فقراء فلسطين

    بعد عدة سنوات من غيابه كأسلوب ونمط في الحياة الفلسطينية بدأ يعود استعمال الحطب كوقود منزلي,حيث بات ضرورة ملحة لدى المجتمع الفلسطيني وخصوصا بعد أن بات شراء الوقود اللازم يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الأسر الفلسطينية نظرا للغلاء الكبير الذي طرأ ويطرأ يوميا على أسعار المحروقات ومنها الغاز المنزلي الذي يعتبر مصدرا أساسيا في كل بيت فلسطيني.ونظرا للارتفاع الملحوظ الذي حدث على سعر الغاز الطبيعي المستخدم كمصدر وقود أساسي في المطبخ قررت كثير من العائلات الفلسطينية إتباع سياسة ترشيد استهلاك الغاز من خلال الاعتماد على الوقود المأخوذ من الخشب والحطب كبديل يقصد منه التوفير والترشيد والتقليل قدر الإمكان من استخدام الغاز الذي يكاد أن يصبح بسعر الذهب إذا ما أردنا أن نقول من باب المبالغة .الطبخ.. تسخين الماء .. التدفئة وغيرها ...استعمالات متعددة كانت تعتمد بشكل أساسي على الغاز البيتي الذي تعودت الأسر الفلسطينية على تحصيله بسعر معقول خلال الفترة الماضية يبدوا وكأنها سوف تعود عدة سنوات إلى الوراء حيث استعمال الخشب والحطب حتى تضمن دوام اسطوانة الغاز المنزلية لأطول فترة ممكنة وبالتالي توفير المال الذي بات تحصيله وتوفيره أمنية ومنال الجميع في ضوء الحصار وتردي الأوضاع الاقتصادية.

    عودة إلى الأصل

    ليس عيبا أن نعود إلى استخدام الخشب والحطب في استعمالات الطبخ وتسخين الماء ... فلقد مكثنا عشرات السنين وقبلنا إباؤنا وأجدادنا ونحن نستخدم الحطب .. فما بالكم في هذه الأيام الذي بات فيه الغاز مطلبا صعبا على الأسر الفقيرة والمحتاجة " بهذه العبارات بدأت الحاجة أم بلال تتحدث لـ " إنسان أون لاين" عن عودة كثير من الأسر الفلسطينية لاستعمال الخشب والحطب في ضوء غلاء أسعار المحروقات.أم بلال البالغة من العمر 55 عاما لم تبدو عليها أي علامات لليأس بسبب الرجوع من جديد إلى استخدام فرن الحطب بل على العكس من ذلك فلقد لمسن لديها سعادة بررتها بقولها :" أنا كامرأة ريفية فلسطينية تعودت خلال عدة سنوات ماضية على التعايش مع كل الظروف فخبزت وطبخت على الحطب والخشب كأي امرأة أخرى لم تكن وقتها تعرف أو تبالي بالغاز أو غيره ".وتابعت أم بلال :" لنكن صريحين الغاز المنزلي قبل هذه الفترة وفر علينا الجهد والتعب الكثير مقارنة مع استعمال الحطب... ولكن وفي ضوء الغلاء الكبير في أسعار اسطوانات الغاز لا يوجد أمامنا كاسر فلسطينية إلا العودة إلى ذلك الإرث والنمط الذي عايشناه في الماضي ".وتنظر أم بلال إلى الخشب والحطب على انه الحل الأمثل لسد العجز وتوفير المال والتغلب على صعوبة العيش التي أصابت كثير من السلع والاحتياجات الأساسية اليومية للمجتمع والأسر الفلسطينية.  

    توفير كبير

    أما الحاجة فوزية عودة فهي الأخرى قررت العودة الى الخشب والحطب بعد ان خلصت إلى نتيجة أوصلتها إلى قناعة بان الحطب كفيل بتوفير ثلاثة أضعاف ما تحتاجه الأسر خلال شهر مقارن مع الغاز الطبيعي ".وفسرت الحاجة فوزية تصورها وقالت :"أنا كربة بيت بحاجة الى ثلاث اسطوانات من الغاز شهريا تستخدم لغاز الطبخ وفرن الخبيز الذي وبشكل يومي أقوم بتشغيله لأكثر من ساعتين وسعر كل اسطوانة من الغاز في هذه الأيام أكثر من 50 شيقلا "9دينار أردني" بمعنى أني بحاجة إلى ما يقارب 150 شيقلا شهريا كثمن اسطوانات فقط ".وتابعت عودة حديثها :" في المقابل يمكن ان اشتري عشرين كيسا من الخشب والحطب بسعر باقل من ذلك بكثير ويكفيني لفترة تمتد لأكثر من شهر وبالتالي توفر علي وعلى أسرتي الشيء الكثير ".وأضافت :" سعر كيس الخشب ما يقارب الـ 5 شواقل وقد احتاج إلى عشرين كيس ويمكن ان يكون اقل من ذلك خلال الشهر حيث إنني عندما اخبز على فرن الحطب اخبز لما يكفي عائلتي يومين أو ثلاث وبالتالي أوفر كمية أخرى من الحطب لأيام أخرى ".كما ذكرت الحاجة عودة بأنها تلجا أحيانا إلى استعمال الحطب من اجل إعداد الطعام والطهي وخصوصا في الوجبات التي تحتاج إلى وقت طويل وهي على النار الأمر الذي يساهم هو الأخر في توفير وتقليل استخدام الغاز الذي أصبح يمثل ارتفاع سعره مصدر قلق وإزعاج لكثير من الأسر.

     

    تربية الدواجن

    ولم يقتصر استخدام الحطب والخشب على الاستعمال المنزلي فحسب بل تعداه ليدخل مجالات أخرى في الحياة وبالتحديد تربية الدواجن التي تحتاج إلى كميات كبيرة وباستمرار من الغاز الطبيعي .أبو مرعي صاحب إحدى مزارع الدجاج ومن المعروف عنه اتخاذ تربية الدجاج كصدر رزق في حياته لم يجد هو الأخر طريقا وسبيلا غير استخدام الحطب في تدفئة مزارع وحاضنات الدجاج التي يقوم على تربيتها والمعروفة بحاجتها المستمرة للحرارة وخصوصا في الأيام الأولى من تربيتها.وذكر أبو مرعي الذي دأب منذ عدة أعوام على تربية الدجاج بان استخدامه للحطب والخشب يوفر عليه الكثير إذا ما قورن مع استخدام الغاز وأضاف :" أنا احتاج لأكثر من أربع اسطوانات من الغاز كل يومين حتى أستطيع ان أوفر التدفئة اللازمة لبقاء الفراخ الصغيرة" الصيصان " على قيد الحياة وحتى اضمن نموها في الوقت المحدد... وطوال فترة الدورة وخصوصا "في فترة الحضانة للصيصان " احتاج لأكثر من 60 اسطوانة من الغاز, الشيء الذي كنت أتقبله في الماضي عندما كانت الأسعار مقبولة إلى حد ما ولكن الآن لا يمكن أن احقق أي ربح في مشروع تربية الدواجن ألذي أقوم عليه إذا ما بقيت على استعمال الغاز ".وذكر أبو مرعي بأنه لم يشغل نفسه بالتفكير مطولا بل انه قرر على وجه السرعة الاستعانة بالخشب والحطب التي يشتريها بالأطنان وبأسعار لا تكاد تقارن بأسعار الغاز الباهظة من اجل ضمان نجاح تجارته التي تعتبر مصدر عيشه الوحيد .