• شارك برأيك
    english

    الحصار وقطع الرواتب يقتل فرحة الغزيين بالعيد

    ازدحمت أسواق غزة قبيل عيد الأضحى بأيام قليلة، لكن المتأمل في الازدحام يرى أن أكثر من في الأسواق جاءوا متفرجين لا مشترين، فمع حصار استمر أكثر من ستة أشهر، جعل المحال التجارية تلجأ لعرض بضاعة قديمة، وربما فتحت بعضها أبوابها على عدد محدود من الملابس، بينما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني دفع الكثير من المواطنين إلى الإحجام عن الشراء والوقوف موقف المتفرجين من الأسواق. أم محمد عدنان تجولت في أنحاء السوق تنظر إلى البضاعة البائسة التي احتوتها المحلات، بغير رضا، وقالت لـ"إنسان أون لاين": "البضاعة قديمة وقليلة والتجار يطلبون أسعار خيالية"، مشيرة إلى أنها هي وزوجها موظفين ولكن مصاريف العيد قضت على رواتبهم قبل نهاية الشهر". وأضافت أم محمد" أشعر أن أسعار الملابس أصبحت تضاهي باريس فحتى ابني الذي لم يتجاوز العامين أسعار ملابسه تجاوزت المائة شيكل ، أما أسعار ملابس الشباب والأكبر عمرا غير من الممكن تخيلها".بينما لم تجد سارة (22 عاما) ما تريد في الأسواق، وتقول: "ما يوجد في الأسواق الآن بضاعة قديمة حتى أن بعضها له رائحة من التخزين"، مضيفة: "لا يكفي أنها قديمة ولكن أسعارها مرتفعة جدا والتجار يتحكمون بالعرض والطلب لذلك عليك أن تدفع ما يطلبه البائع دون مناقشة".

    الحصار وسلبياته

    وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي سامي أبو ظريفة لـ"إنسان أون لاين" ان الحصار الإسرائيلي المفروض على الشعب الفلسطيني وإغلاق المعابر والحدود أدى بشكل عام إلى عدم دخول البضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية مما جعل السوق الفلسطيني في حالة شلل حيث يعاني المواطن من وضع اقتصادي صعب وبيئة استثمارية معدومة ، مشدداً على أنه لم يكن هناك أي تنمية اقتصادية دون وجود وضع استثماري ينشط السوق والحركة التجارية وذلك يتطلب الشعور بالأمن والأمان والحرية.

     

    الرواتب

    بعض الموظفين الذين لم تقطع حكومة فياض في رام الله رواتبهم تجولوا في أسواق غزة متفرجين لا أكثر ، ويشير أبو فادي "45 عاما" لـ"إنسان أون لاين" إلى أنه متفرج لا أكثر رغم أنه قبض راتبه كاملا إلا أن الغلاء والحصار الذي منع دخول أي جديد للأسواق كان سببا كافيا له ليعلن لأطفاله أنه لا ملابس جديدة هذا العيد.في حين اختار الموظفون الذين قطعت رواتبهم البقاء في منازلهم بعيدا عن الأسواق، حيث يشير أحمد "28 عاما" لـ"إنسان أون لاين" أنه بعد قطع راتبه لن ينزل إلى السوق حتى لا يصاب باكتئاب رغم أن طفليه بحاجة إلى ملابس، خاصة مع قدوم العيد بالإضافة إلى أن البرد اشتد في القطاع.الأطفالوفي هذا الجو بدا الأطفال غير متفهمين لما يحدث حولهم وهم يطلبون من أهلهم أشياء إذا توفرت فتكون بأسعار غالية، هدى 6 أعوام وقفت تبكي على باب المحل التجاري بعض أن رفضت والدتها أن تلبي لها طلبها وتشتري لها "طقم ملابس" وأشارت أم هدى وهي تحاول إقناع ابنتها إلى أن سعر الطقم تجاوز المائة وخمسين شيكلاً، مضيفة"والدها عامل عاطل عن العمل حاليا وكل ما استطعنا أن نوفره لها ولإخوتها الخمسة أربعمائة شيكل لا استطيع أن أدفع هذا المبلغ لها وحدها واحرم أخوتها.بينما اقتنع الكثير من الأطفال بأن ينتظروا العيدية ويرتدوا ملابس عيد الفطر بدلا من تكليف أهليهم بشراء ملابس جدية هذا إن وجدت. يشار إلى أن تجمع النقابات المهنية الفلسطينية بقطاع غزة أكد أن حكومة سلام فياض قطعت رواتب 4 آلاف موظف خلال الشهر الجاري.

     

    حركة معدومة

    أما حسني شمالي مدير المبيعات بالجمعية التعاونية المنزلية لموظفي قطاع غزة أكد لـ"إنسان أون لاين" أن حركة الزبائن والسكان في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية صعبة جداً حيث أن المبيعات باتت معدومة بشكل نهائي ولم يوجد بيع ، وأصبحت مصاريفهم كلها تعتمد على رأس المال ، وتابع لم نشعر بموسم العيد على الإطلاق، ويختلف تماماً هذا العام عن سابقيه حيث كان يوجد لدينا مبيعات وعمل حتى البضائع له معدومة في الأسواق ، وما توفر منها فقد ارتفعت أسعارها .المواطن سمير محسن صاحب محل لبيع الأحذية وصف لـ"إنسان أون لاين" الحركة التجارية والشرائية بالضعيفة جداً حيث أنه لا يوجد أي حركة تجارية في السوق تدل على العيد كما أن الحركة التي نشهدها اليوم في الأسواق حركة اعتيادية حيث يقوم المواطن بشراء المستلزمات لمرة أو مرتين فقط وبعد ذلك ينتظر توفير الأموال حتى استكمال عملية الشراء من الأسواق ، وغالباً ما يكون بحوزة المواطن مبلغاً قليلاً من المال يشتري به كميات قليلة ، متمنياً أن يتحسن الوضع الاقتصادي المتدهور في الأسواق وأن وتعود الأمور كالمعتاد.

     

    أسواق مزدحمة

    وتبدو أسواق غزة الشعبية والراقية والبالة مزدحمة بالمواطنين عشية عيد الأضحى حيث تتزاحم أقدام الأطفال وأولياء أمورهم علي أبواب محلات الملابس و الأحذية و في الشوارع الرئيسية بالمدينة .وللوهلة الأولي تعتقد أن الوضع الاقتصادي منتعش ولكن عندما تقترب من الوجوه تجدها شاحبة وتجد الأطفال والفتية في حالة من الغضب و تبدو علي وجوهم الحزن لكثرة المطالب و قلة المال و البضائع .أم محمد و هي سيدة في الأربعين من العمر قالت لـ"إنسان أون لاين":اعتدت أن اشتري لأولادي و بناتي ملابس العيد من هذه المحلات إلا انه لا توجد فيها سوى ملابس رديئة الصنع خزنت منذ الأعوام الماضية و لكني أحاول جاهدة أن اجمع بعضا من الأشياء لأضفي بهجة العيد علي الأولاد. و على باب محل للأحذية كانت الفتاة غادة و معها أخواتها يحاولن شراء أحذية لهن حيث قالت غادة لـ"إنسان أون لاين" :"إن الأحذية الموجودة في هذا المحل الكبير هي من موديل واحد وكانت بالسوق منذ سنتين ولا توجد من نفس الموديل كل المقاسات وأن سعره كان في الأعوام الماضية لا يتجاوز 50 شيقل و لكنه يعرض اليوم بـ150 شيقل رغم انه صيني و ليس من النوع الجيد ، وذلك بحكم إغلاق المعابر .صاحب المحل خميس قال لـ"إنسان أون لاين": إن التاجر معذور وانه لم تدخل بضاعة له منذ موسم المدارس وأنهم يضطرون لدفع أرضية للبضائع في المخازن الإسرائيلية مما سيزيد ثمنها علي الزبون ولكن رغم ذلك فانه لم يستطع إدخالها قبل موسم العيد وأن محله لا يوجد فيه سوي عدد محدود من الموديلات و هي قديمة و ليست جديدة .

     

    سوق فراس

    يعتبر سوق فراس من أقدم الأسواق في قطاع غزة حيث يقع في وسط المدينة و يضم بين جنباته أقسام مختلفة لبضائع البالة و للبضائع الشعبية والخضار واللحوم الطازجة والمجمدة وغيرها وفي العادة وعشية الأعياد تغلق الطرق المؤدية للسوق أمام السيارات ويفسح المجال فقط للتجول علي الإقدام.و كباقي الأعوام هناك عدد كبير من المواطنين يشترون ملابس من البالة للعيد أو من الممكن أن يجد أشياء تعجبه في هذا السوق الشعبي.ولكن أبو عبد الله صاحب متجر كبير للبالة يقول لـ"إنسان أون لاين" :"لا يوجد عيد العيد يوم تفتح المعابر حيث لا توجد بضائع و اليوم نبيع ما تبقي لدينا من البالة بأسعار تفوق ما يعرض في المحلات الراقية ويضيف" أن ارخص قطعة نبيعها بعشرين شيقل وأن بعض أنواع الجاكت والبنطال يصل سعرها إلي 80 شيقل وهذه البضائع مطلوبة ولكنها غير موجودة ، ويتابع "البضاعة المعروضة في محلات البلد صنع صيني ولكن ما يوجد في البالة هي ماركات عالمية ولكن للأسف لا توجد عندنا بضاعة و نحن نفتح محلاتنا لشرب الشاي و القهوة.و في محل أبو عبد الله رجل تجاوز الخمسين من العمر قال لـ"إنسان أون لاين" انه يريد الاختفاء يوم العيد لأن الرواتب جاءت في بداية الشهر وأن الأولاد اخذوا نصف الراتب لشراء ملابس وأن النصف الآخر لا يكفي للعيدية متمنيا يختفي عن الأنظار حتى قضاء العيد.

     

    معاناة شديدة

     

    من جانبه قال أكرم جودة صاحب محل تجاري بحي الشجاعية لـ"إنسان أون لاين " أنه لا شك أن المواطن يعاني في هذه المرحلة معاناة شديدة ومختلفة تماماً عن المعاناة السابقة خاصة أن كافة الأيدي العاملة داخل الأراضي المحتلة عام 48 عاطلة عن العمل بسبب إغلاق المعابر بشكل كامل إضافة إلى منع قوات الاحتلال دخول مواد البناء والمواد الصناعية الأخرى لقطاع غزة.مشددا على أن الجميع يعيش ظروفا مادية صعبة إن لم تكن معدومة وهو ما أثر سلبا على سير الحركة التجارية قبيل العيد .محمود الحسني موظف يعمل في محلات ساق الله للحلويات أشار لـ"إنسان أون لاين" إلى تراجع كمية المبيعات على خلاف الأعياد السابقة التي كان الناس يقبلون على شراء الحلويات قبل وأثناء العيد ، مرجعا ذلك إلى الحصار المفروض الذي عمل على غلاء الأسعار ، محذراً من قيام بعض المحلات التجارية من استغلال المواطنين عن طريق رفع الأسعار كمواد السكر والسمنة والطحين حيث ارتفعت أسعارها داعياً العالم إلى النظر بعين الاعتبار إلى هموم المواطن حيث أنه يعيش في كارثة وأزمة اقتصادية حقيقية .