• شارك برأيك
    english

    عيد غريب في غزة: وجوه كئيبة وجيوب فارغة وأضاحي غائبة

    جاء عيد الأضحى هذا العام غريباً على قطاع غزة، مع غياب فرحة سرقها الاحتلال الإسرائيلي وحصاره الظالم، وفقر مدقع جعل جيوب الفلسطينيين خاوية مما يُفرح أبناءهم. كانت شوارع غزة في أول أيام العيد خالية من المارة لكنها كانت تبتل أحياناً ببعض دماء الأضاحي التي ذبحها بعض الميسورين والمقتدرين، وحُرمت الغالبية من أجرها لعدم امتلاكها ثمنها. وبعد أن أخذ الطقس يميل إلى الدفء رويداً رويداً بدأت الحركة تدب على استحياء في شوارع غزة، مصطحبة معها صيحات أطفال كانوا يرتدون ملابس العيد الجديدة، وآخرون كانوا يلبسون قديمة. أطفال غزة محرومون من اللعب والمرح في المتنزهات ومدن الألعاب كما في سائر الدول، إلا من بعض الأراجيح التي نصبها بعض المواطنين للاسترزاق منها في ظل ظروف اقتصادية سيئة يعانون منها.الوجوه بدا عليها علامات الحزن والكآبة، وكثير من المواطنين التزموا منازلهم واقتصرت زيارتهم على صلة الأرحام القريبة جداً.المواطن أبو فايز من حي الشجاعيّة شرق مدينة غزة التي ودّعت خلال أيام العيد كوكبة من الشهداء، لم يغادر بيته أيام العيد، مرجعاً سبب ذلك إلى الوضع العام الذي يشهده القطاع جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية والتي راح ضحيتها العديد من أفراد حيّه، وكذلك لعدم توفر الأموال اللازمة للاحتفال بالعيد وإدخال الفرحة والبهجة إلى قلوب أسرته وخاصة الأطفال منهم. وقال أبو فايز: "هذا العيد لم اشترِ لأولادي ملابس جديدة لأنني لا أملك ثمنها"، مشيراً إلى أنه عاطل عن العمل منذ سنوات بسبب الحصار والإغلاق الإسرائيلي.ومضى أبو فايز يتحدثُ بألم وحسرة عن أوضاعه قائلاً بتهكم: "حتى لحوم الأضاحي لم تدخل بيتنا هذا العيد بسبب غياب المضحين من الجيران والأقارب والأصدقاء". غرب مدينة غزة وبالتحديد في أحد أزقة مخيّم الشاطئ للاجئين (75 ألف نسمة) كان يلهو الطفل محمود الأستاذ (9 سنوات) مع أولاد جيرانه ببنادق بلاستيكية محشوة بالدمدم الذي يشكل خطراً وخاصة على العيون.وقال الطفل محمود وهو يرتدي ملابس قديمة: "أحب اللعب بالبارودة لأنه لا يوجد أماكن أخرى نذهب اليها، ولأننا لا نرى على التلفزيون إلا اليهود وهم يقتلوننا". وأضاف: "لا توجد إلا هذه اللعب وهي عتيقة وأسعارها غالية". وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد ارتكبت عشية عيد الأضحى وثاني أيامه مجزرتين في قطاع غزة، راح ضحيتهما حوالي عشرين شهيداً وعشرات الإصابات بينهم أطفال. وتوجه أهالي قطاع غزة خلال أيام العيد إلى المقابر لزيارة أضرحة الشهداء والموتى، وكذلك لزيارة عوائل الشهداء والجرحى والمعتقلين والتضامن معهم في مصابهم الجلل. وانتشرت بيوت عزاء شهداء العدوان الإسرائيلي في أرجاء محافظات غزة من شمالها إلى جنوبها مكتظة بمئات المواطنين.وأكد المواطن معتز أبو معلا من المحافظة الوسطى التي كانت طوال يوم الخميس الماضي مسرحاً للعدوان الإسرائيلي، أن قوات الاحتلال لا تقيم وزناً لمشاعر المسلمين خلال أيام عيد الأضحى، فهي تقتلنا كل يوم وفي كل مناسبة، مشيراً إلى المجزرة التي ارتكبتها خلال عيد الأضحى المبارك من العام الماضي في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة. وتساءل: "ما ذنبنا ألا نحتفل بالعيد كباقي الدول العربية والإسلامية أم هذا قدرنا أن نعيش دوماً في حزن وألم؟!". أما المواطن خليل سلامة (55 عاماً) من بلدة القرارة جنوب قطاع غزة فقد أعرب عن حزنه الشديد للأوضاع الصعبة التي يمر بها أبنا شعبنا جرّاء العدوان الإسرائيلي والحصار الظالم، لافتاً إلى أن كل هذه الأمور سرقت الفرحة عن شفاهنا وشفاه أطفالنا الذين حرموا من اللهو واللعب كباقي أطفال العالم.وأشار إلى المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل ثاني أيام العيد في بلدة المصدر، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، قائلاً: "هذه هي عيدية الاحتلال لشعبنا". وأضاف المواطن سلامة، كيف لنا أن نفرح في العيد وقطاع غزة كله مجروح؟ فتجد في منطقتك بيت عزاء لأحد الشهداء أو ضحايا الحصار الإسرائيلي من المرضى.