• شارك برأيك
    english

    الحاجة حسيبة تتمسك بالحياة خوفا من الموت بالمخيم

    "الشاب نعمان، خسارة عليه، كان محترما و خلوقا وشجاعا، حاول إخراجي مع أبنائي من البيت عندما بدؤوا يطلقون النار بشكل عشوائي على المنازل، جاءته رصاصة في رأسه فوقع شهيدا".بهذه الكلمات عللت الحاجة حسيبة، أم صالح "87 عاما، خروجها من قريتها المالحة في القدس، لم يكن خوفا ولا جبنا ولكنه تهجير قسري من بلدتها التي لا تزال تحلم بالعودة إليها" مين بحب يطلع من بلاده قتلونا كي نخرج من هناك".

    الحاجة حسيبة تعيش في مخيم الأمعري للاجئين وسط الضفة الغربية، في منزل ابنتها فاطمة" عمر فاطمة من عمر النكبة كانت ثلاثة أشهر فقط" قالت في التعريف عنها، " عندما خرجت لفيتها بحطة زوجي وخرجت مع باقي أبنائي صالح و سارة، و صبحيه " و بين مفاتيح قديمة وكواشين بيوت "جلدتها " مائة مرة للحفاظ عليها كما قال حفيدها، تعيش حسيبة ما تبقى لها من أيامها:" أبنائي تزوجوا وتفرقوا ولم يبق لي شيئا إلا رائحة المالحة، لأموت معها".قالت.و لماذا الموت بالمخيم، إلا تحلمون بالعودة إلى المالحة لتموتي هناك؟، أجابت :" على اليوم" ولكن الأمر كما يبدو و تعتقد بعيدا وعلى ما يبدو سيكون مصيرها كمصير زوجها و أخواتها و أهلها اللذين " دفنوا في المخيم ولا احد أصلا يعرف قبورهم".وحكاية حسيبة التي لا تعرف عمرا محددا لها، كما كل اللاجئين بدأت من 1945 عندما دخلوا اليهود قريتهم: "في البداية دخلوا قرية لفتا القريبة من قريتنا، ثم وصلوا ألينا مسلحين، كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي، قتل الكثير من أبناء القرية، كانت الشباب تتهاوى على الأرض، والدم يملئ المكان، والكل يحاول الهرب مع أطفاله".زوج حسيبة " أبو صالح" كان ضريرا، فجاء احد الشبان ويدعى نعمان احمد أبو عودة، ليساعدهم على الخروج، فأطلقوا النار عليه واستشهد على عتبه بيتها "منظر الشباب نعمان وهو غارق بدمه لا يزال حاضرا أمامي، لم يكن يفعل شيئا على الإطلاق سوى انه اقترب من المنزل و طرق الباب" قالت.بعد هذه اللحظة لم يبق شيئا يدعوها إلى البقاء، فأما أن تخرج وتحتفظ بحياتها وحياة أبنائها الأربعة، إما أن يكون مصيرها كمصير من سالت دمائهم على ارض المالحة:" لم يكن الأمر بحاجة إلى تفكير كثير فأما أن نبقى و نموت و إما أن ارحل فاخترت الخروج".والمالحة، لمن لا يعرفها، بلدة صغيرة تقع جنوب غرب مدينة القدس بلغت مساحتها 6828 دونما أما مسطح القرية فيبلغ 86 دونما، يحدها شمالاً قرية لفتا ومن الجنوب قرية شرفات وبيت جالا ومن الشرق بيت صفافا و من الغرب قرية الولجة، عين كارم، الجورة، و الآن لم تعد على الخارطة، وعلى جزء من أراضيها بني مبنى الكنيست الإسرائيلي.حسيبة و عائلة زوجها و أبناؤها خرجوا من المالحة إلى بلدة بيت جالا، حيث كان الكثير من الناس الذين خرجوا من قريتها ومن القرى المحيطة، وتحت أشجار الزيتون استقروا، وبعد أيام أشفقت على حالها إحدى السيدات من البلدة فطلبت منها أن تنتقل إلى غرفة خارجية في منزلها لتنام فيها هي و أطفالها وزوجها الضرير.و في هذه الغرفة بدأت تدرك أن العودة ستطول:" استمر الأمر أكثر من سنة ونحن نعيش في غرفة بينما الكثيرين تحت الشجر، و آخرين هربوا إلى الأردن، و كانت ال20 دينار الأردني، التي أخرجتها معي فاصلا بيننا و بين الجوع، و خلال كل ذلك لا أخبار جيدة عن البلدة، فقد وصلتنا أخبار عن هدم القرية، وما تبقى منها من سكان، اخرجوا إلى بلدة بيت صفافا القريبة".و لم تستمر رحلتها عند بيت جالا، فبعد ذلك انتقلت أم صالح، وعائلتها إلى قرية ترمس عيه، القريبة من رام الله، و هناك كما تروي أهالي البلدة أضافوهم هناك عامين متواصلين، كانوا خلالها يساعدون الأهالي في الزراعة لكسب رزقهم، و استمر الحال إلى عام 1951 حيث انتقلت للعيش في المخيم.و هذا المخيم لم يكن سوى ارض لأحد أبناء البيرة "عبد الله جودة" والذي قدمها للاجئين عندما بدأ الصليب الأحمر بتوزيع الخيام عليهم، وهنا كان نصيب أم صالح خيمة A " خيمة من الحجم الصغير خرطوميه" عاشت فيها مع أبنائها إلى أن غيرت الخيمة لتحصل على خيمة C "كبيرة".و منذ ذلك الحين إلى الآن تطورت الخيمة لتصبح بيوت خمسة لها و لأبنائها الذي تزوجوا و أنجبوا أطفالا، كبروا وتزوجوا.أم صالح لديها الكثير الكثير لتتذكره عن بلادها وتحكي لأبناء أبناء أبناءها عنه، عن بيارات الخوخ والمشمش الذي كانت تبيعه في الأسواق "بقرشين ونص" و عن حناها و زواجها يوم اصطفت نساء القرية جميعها لتغني لها وهي تخرج من بيت والدها لبيت زوجها:قومي اطلعي قومي اطلعي من حالك...و إحنا حطينا حقوق أبوك وخالكقومي اطلعي قومي اطلعي من يمك ....وإحنا حطينا حقوق أبوك وعمك