• شارك برأيك
    english

    انقطاع التيار الكهربائي يدفع الفلسطينيين في غزة إلى تغيير أنماط حياتهم

    في الكشك المشيد بجريد النخيل وسعفه، والمقام وسط كرم الزيتون، يجلس فلسطينيون كل ليلة، حول موقد النار يطلقون النكات ويتبادلون أطراف الحديث، ويطلعون بعضهم بعضا على آخر المستجدات في الشأن الداخلي، هذا ما يقوم به ديدن أحمد الحمايد، 48 عاماً، وأصحابه الذين يقطنون في منطقة «بركة الوز»، غرب معسكر المغازي للاجئين، وسط قطاع غزة منذ أن شرعت شركة توزيع الكهرباء في قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة، إثر توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل إثر منع إسرائيل وصول إمدادات الوقود الخاص بها. عامر بريك، 42 عاماً، الذي يعكف على قضاء السهرة يومياً تقريباً في الكشك يقول إنه لا يحبذ العودة للبيت بعد أدائه صلاة العشاء في مسجد الحي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن «قضاء هذا الليل الطويل في ظل انقطاع الكهرباء في البيت، حيث لا يمكنك الجلوس أمام التلفاز، أو خلف الحاسوب». هذه صورة من صور تكييف الفلسطينيين لأنماط حياتهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي. لكن الشبان اليافعين الذين تقل اعمارهم عن العشرين عاماً عادة ما يتوجهون الى مراكز المدن والميادين العامة خلال انقطاع التيار الكهرباء، حيث يتسامرون ويلعبون، وتشكو الكثير من العائلات التي تقطن بالقرب من هذه المناطق من الضوضاء والضجيج الذي يحدثه هؤلاء الشبان في هذه المناطق، حيث أنهم في الأغلب لا يعودون الى منازلهم إلا بعد عودة التيار الكهربائي. انقطاع التيار الكهربائي أثر بشكل واضح على صورة وطابع المجاملات بين الفلسطينيين. زيارات المجاملة التي يقوم بها الفلسطينيون لبعضهم بعضا لتقديم التهاني أو التعازي لا تتم في الوقت الذي ينقطع التيار الكهربائي، وفي الغالب يتم تأجيل هذه المجاملات حتى يعود التيار الكهربائي. وفي كثير من الأحيان تتوجه بعض العائلات التي تعيش في مناطق تم قطع التيار الكهربائي عنها لزيارة اقاربها الذين يقطنون في مناطق لم ينقطع التيار الكهربائي فيها. أسامه أحمد الذي يقطن مخيم «المغازي» للاجئين عادة ما يصطحب زوجته واولاده ويتوجه لزيارة بيت صهره في مخيم «النصيرات» المجاور، حيث يتوفر التيار الكهربائي هناك في الوقت الذين ينقطع فيه عن المغازي. وفي المقابل يقوم صهره وعائلته بزيارته في الوقت الذي ينقطع فيه التيار الكهربائي عن «النصيرات».. وهكذا. بالإضافة الى ذلك، أثر الواقع الجديد على الطلاب ونظام دراستهم في البيت. فمعظم الطلاب يحرصون على دراسة موادهم وحل واجباتهم البيتية بمجرد العودة من المدرسة، وذلك حتى لا تفاجئهم عتمة الليل قبل أن ينهوا ما عليهم من واجبات. فليس كل العائلات الفلسطينية تملك مصابيح تعمل على الغاز، مع العلم أنه في كثير من الأحيان، فإن ليس كل من يملك مثل هذه المصابيح يملك غازاً بسبب نفاد امداداته بفعل الحصار المشدد. في نفس الوقت، أثر انقطاع التيار الكهربائي على طبيعة النظام الغذائي للكثير من العائلات الفلسطينية. فكثير من العائلات أصبحت تعتمد على وجبتين بدل ثلاث، حيث يتم تأخير وجبة الغداء بقصد الاستغناء عن وجبة العشاء. مروان عبد ربه، 40 عاماً، الذي يقطن في مخيم «المغازي»، قال لـ«الشرق الاوسط» «إنه من الصعب على زوجته تدبير شؤونها في المطبخ ليلا عندما يتم قطع الكهرباء، ولذا قد اتفق معها على تأخير الغداء، سيما أن أولاده يدرسون في الفترة المسائية، وهم يعودون للبيت قبل المغرب».