• شارك برأيك
    english

    احتلال يسرق المياه وهاجس تلوثها يطارد الفلسطينيين

    يدخل الوضع المائي في غزة والضفة المحتلة منعطفا خطيرا في ظل تزايد التحذيرات من استمرار سرقة قوات الاحتلال للمياه ، وتلوث الخزان الجوفي بالفسفور الأبيض الذي استخدمته الآلة العسكرية الإسرائيلية بكثافة في حربها على غزة .وتشير الوقائع على الأرض إلى مستقبل مخيف سينعكس على سكان الأراضي الفلسطينية في حال استمر الاحتلال بحربه المائية التي تنفذ في الخفاء .

    سرقة المياه

    فقد كشف تقرير أعده البنك الدولي مؤخرا أن الإسرائيليين يحصلون على مياه تزيد أربع مرات عما يحصل عليه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة.وأضاف التقرير أن الاتفاقية المؤقتة للسلام لعام 1995، والتي تنظم توزيع المياه غير ملائمة بسبب سوء أوضاع الفلسطينيين تحت حكم السلطة الفلسطينية في الوقت الذي حسنت فيه إسرائيل من منشآت المياه بها. وحث البنك الدولي المانحين الدوليين على طرح آلية للمساعدة في تحسين البنية الأساسية للمياه لدى الفلسطينيين والسماح بعملية تخطيط بعيدة الأمد بشأن توزيع المياه على الرغم من تغيرات الصراع مع إسرائيل.ويجد الفلسطينيون صعوبة كبيرة في الحصول على مياه الشرب في أراضيهم، في حين يتمتع المستوطنون بالمياه الوفيرة وحمامات السباحة في معظم المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.وكانت تقارير متخصصة قد حذرت من خطورة الوضع المائي في الأراضي الفلسطينية نتيجة ممارسات سلطات الاحتلال، في حين انتقدت أخرى سلوك تلك السلطات في التعامل مع مصادر المياه التي تسيطر عليها مما يتسبب بإهدار كميات ضخمة من المياه قبل استهلاكها علاوة على توفيرها المياه للإسرائيليين بأسعار مخفضة وغير حقيقية.وشدد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن ما لا يقل عن خمسين ألف فلسطيني في قطاع غزة محرومون من المياه، بينما يعاني مائة ألف آخرين من محدودية الوصول إلى مصادرها، حيث لا يحصلون على المياه سوى مرة واحدة كل ستة أيام.ويؤكد التقرير كذلك على أن ثمانية وعشرين ألف طفل في القطاع يعانون بسبب حرمانهم من المياه التي تصل عبر الأنابيب، بينما يتمكن ستة وخمسين ألف طفل من الحصول عليها مرة واحدة أسبوعياً.وبحسب التقرير فإن معاناة الغزيين في توفير المياه الضرورية ازدادت بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع حيث أدى تدمير البنية التحتية ونفاد الوقود لتشغيل المولدات إلى خسائر في قطاع المياه في غزة بلغت نحو ستة ملايين دولار.

    استمرار القيود

    وعلى الصعيد ذاته حذرت مذكرة داخلية للبنك الدولي من انهيار مشروع يتبناه توني بلير مبعوث المجموعة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط في قطاع غزة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على إدخال المعدات.وكان مشروع معالجة مياه الصرف في غزة وقيمته 75 مليون دولار محور حزمة من المساعدات الاقتصادية قادها رئيس الوزراء البريطاني السابق لمحاولة تعزيز عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.وفي مذكرة صدرت في الرابع من الشهر الحالي موجهة للمانحين قال البنك الدولي إن إسرائيل تمنع وصول مواد ضرورية للمشروع منذ مارس آذار حيث تشمل هذه المواد أنابيب وأسمنت وقطع غيار.وقال البنك الدولي " لم تقدم عطاءات إذ لم يرغب المتقدمون بالعطاءات في خوض المجازفة الأمنية في غزة ، فيما سيكون الإخفاق في جذب متقدمين بعطاءات في الجولة الثانية مدمرا للمشروع."من جهته شدد مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير خاص حول آثار العدوان الإسرائيلي على الحق في المياه في قطاع غزة على الانتهاكات الجسيمة والمنظمة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، خلال العدوان الذي طال البنية التحتية لقطاع المياه بإحداث تدمير كبير في المرافق والبنية التحتية. وذلك بقصف آبار وشبكات توصيل مياه وتدمير مولدات تزود الآبار بالطاقة الكهربائية اللازمة، كما امتنعت قوات الاحتلال عن القيام بواجباتها المتعلقة بتأمين توصيل المياه للسكان، وفي الوقت نفسه منعت جهات الاختصاص المحلية والدولية من العمل على إصلاح شبكات المياه لتأمين إمداد المدنيين بالمياه. ولعب استمرار تشديد الحصار ومنع دخول المحروقات واستهداف المحولات وشبكات توصيل الطاقة الكهربائية، دورا كبيرا في تعطيل إمداد سكان قطاع غزة بالمياه لفترات طويلة، حيث تسبب انقطاع التيار في توقف عشرات الآبار عن العمل، وحال دون قدرة السكان على رفع المياه إلى خزاناتهم ولاسيما في البنايات المتعددة الطبقات، الأمر الذي أثر على الصحة العامة وعرض حياة السكان إلى الخطر الشديد. كما أن البنية التحتية للمياه والصرف الصحي تعرضت لكثير من التدمير الإسرائيلي ولم تراع قوات الاحتلال مبادئ القانون الدولي المطبقة في أوقات النزاع المسلح، ما أدى إلى تداخل مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب في عدة مناطق في قطاع غزة، وكان سببا في تلوث مياه الشرب، الأمر الذي ينعكس بشكل خطير على صحة المواطنين. 

    الضفة المحتلة

    وفي الضفة المحتلة قامت ما يسمى بالإدارة المدنية الإسرائيلية في منطقة الخليل بمهاجمة العديد من برك المياه وتدمير ما يقارب 12 منها بحجة سرقة المياه أضافه إلى مصادرة تجهيزات تستخدم لهذه الغاية مثل المواسير فيما اعتبرت العملية الثالثة من نوعها التي تنفذها تلك الإدارة خلال الفترة الماضية .وأضاف موقع يديعوت احرونوت الالكتروني أن قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود والشرطة وشركة المياه الاسرائيلية ميكوروت هاجمت أربع نقاط تستخدم لسرقة المياه وتقع في ضواحي مدينة الخليل .ورغم إبراز بعض الفلسطينيين لتصاريح خاصة ادعى مسئول وحدة المراقبة والتفتيش في الإدارة المدنية ماركو بن شوشان بان الفلسطينيين يسرقون المياه لاستخدامها بالزراعة ويقومون بوصل خطوط السرقة ليلا بالخط الرئيسي المحاذي لشارع رقم 60 ومن هناك يتدفق الماء المسروق إلى حقولهم وفي بعض الأحيان يقومون بحفر الشارع وبعد توصيل الخطوط المسروقة يقومون بتعبيده مجددا ، مؤكدا بان العملية السابقة قد أسفرت عن ضبط أكثر من 100 كلم من الأنابيب الفلسطينية المستخدمة بسرقة المياه .وأضاف بن شوشان بان الفلسطينيين يشغلون دون تصريح برك سباحة ويستخدمون خزانات تتسع إلى 9000 متر مكعب من المياه .ويتابع " الناس هنا يصرخون إلى عنان السماء مدعين عدم توفر مياه الشرب وهناك سكان الخليل يسرقون المياه " .وتفيد تلك الدلائل إلى انقلاب الموازين ، وباتت قوات الاحتلال السارقة للمياه ، تدعي أن الفلسطينيين يسرقونها .وتأتي تلك الإجراءات في إطار استمرار قوات الاحتلال في سرقة المياه ، والتعدي على ممتلكات المواطنين .

    تلوث البحر

    وكانت إجراءات الاحتلال سببا في تلوث مياه بحر غزة ، فقد بدأت منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع وزارة الصحة بغزة هذا الأسبوع حملة توعية عامة لتحذير مرتادي البحر والصيادين من المخاطر المحتملة لمياه الصرف، إذ تم وضع علامات في سبع مناطق في قطاع غزة على طول الخط الساحلي الذي يمتد على مساحة 42 كلم حيث تصب مياه الصرف غير المعالجة في البحر مباشرة، وفقا لمحمود ضاهر، المسئول بمنظمة الصحة العالمية.وأوضح ضاهر أن "هناك مناطق ينبغي تجنبها، إذ من المحتمل أن تتسبب في أمراض مرتبطة بالإسهال وأمراض جلدية... ويقتصر تأثر الأسماك على المناطق المحددة بالإضافة إلى احتمال تأثر المحار، الذي لا يكتسي أهمية كبيرة في النظام الغذائي لسكان غزة" ، موضحا أن منظمة الصحة العالمية ستجري تقييما كاملا في وقت لاحق من الفصل. وتتفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة مع منظمة الصحة على أن تلوث المياه الساحلية يشكل قضية تهدد الصحة العامة، حسب مستشار الأمن الغذائي بمكتب المنظمة بالقدس، إيرمينيو ساكو. وقد زاد الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع بالإضافة إلى الأضرار الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على غزة من الضغط الذي تعاني منه البنية التحتية غير المتطورة لنظام الصرف في غزة وفقا لتقرير "واش" -ائتلاف بين المنظمات المحلية والدولية ومنظمات الأمم المتحدة التي تتولى تنسيق الاستجابة الإنسانية لأزمة المياه والصرف الصحي في قطاع غزة.وحسب التقرير فانه يتم تصريف حوالي 80,000 متر مكعب من مياه الصرف غير المعالجة أو المعالجة جزئيا مباشرة في البحر كل يوم في نقاط متعددة على طول الساحل.علاوة على ذلك، فإن القيود المفروضة على دخول مواد البناء وغيرها من المواد الصناعية وقطع الغيار إلى غزة تمنع الفلسطينيين من إعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع .