• شارك برأيك
    english

    البيئة الفلسطينية تعرضت إلى أبشع تدمير وتخريب وتلويث منذ عقود

    أكدت سلطة جودة البيئة في قطاع غزة أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، واستمرار الحصار والإجراءات والممارسات الإسرائيلية على القطاع، ساهمت في تدمير وتخريب وتلويث البيئة الطبيعية الفلسطينية بكافة عناصرها ومقوماتها في قطاع غزة، وطالت جميع النواحي الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لحياة السكان.

    وفي حوار أجرته صحيفة "فلسطين" في يوم البيئة العالمي، شدد المهندس يوسف الغريز رئيس سلطة جودة البيئة، على أن سلطة البيئة قامت بوضع الخطط والاستراتيجيات والمشاريع، من أجل علاج آثار الدمار الواقع على البيئة الفلسطينية، مبيناً أن استمرار الحصار الإسرائيلي يقف عائقا أمام تنفيذ أي من هذه الخطط والمشاريع.

    مسئولية جماعية

    وفي بداية اللقاء طلبنا من المهندس الغريز التعريف بيوم البيئة العالمي وسبب الاحتفال به، والذي بدوره أوضح أن يوم البيئة العالمي من أهم المناسبات البيئية العالمية على مدار العام، ويتم الاحتفال به في الخامس من حزيران في معظم دول العالم، حيث تم إقراره من الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1972، وتم تفويض برنامج الأمم المتحدة البيئي للاحتفال في هذا اليوم. وذكر الغريز أن الهدف من الاحتفال في هذا اليوم هو جذب الانتباه العالمي لأهمية البيئة وقضاياها وشحذ الاهتمام المجتمعي والمؤسساتي والسياسي لدعم قضايا البيئة، مشيراً إلى أنه في كل عام يتم وضع قضية وشعار يتمحور حولها الاحتفال بيوم البيئة العالمي، وقضية هذا العام والعامين الماضيين هي ظاهرة تغير المناخ وذلك لأهميتها، ورفع هذا العام شعار "كوكبك يحتاجك فلنتحد لمكافحة تغير المناخ" وقد تناولها الاحتفال هذا العام من زاوية الدعوة لتوحيد الجهود في مكافحة تلوث البيئة.

    وبين أن الحفاظ على البيئة وحمايتها مسئولية جماعية يجب أن يشارك فيها الجميع على المستوى الشعبي الرسمي، وأن الشعار يدعو لتوحيد ومضاعفة الجهود والتكاتف بين الجميع من أجل التصدي لظاهرة تغير المناخ والتقليل من سلبيتها.

    آثار سلبية

    وحول المقصود في تغير المناخ، أوضح أنه تغير في مجمل الأنماط المناخية السائدة على كوكب الأرض كدرجات الحرارة والأمطار ومعدلاتها وكمياتها ومناطق سقوطها، والرياح من حيث شدتها واتجاهاتها، مبيناً أن السبب في تغير المناخ هي ظاهرة "الاحتباس الحراري" التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب "تأثير ازدياد تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي". وحول الآثار السلبية لتغير المناخ، قال: "إن تغير المناخ يؤثر سلباً على النباتات والحيوانات والنظم البيئية السائدة، ويؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي وتقلص المخزون الزراعي، ويؤدي إلى التصحر والجفاف، وتراجع خصوبة التربة، وتغير مواطن النباتات، وازدياد الجفاف وتغير أنماط التساقطات، إضافة إلى أنه يؤدي إلى انتشار الآفات والأمراض نتيجة تكاثر بعض الحشرات مع ارتفاع درجات الحرارة".

    وأضاف: "كما يؤدي إلى ارتفاع منسوب البحار والمحيطات، وغمر المياه للمناطق اليابسة، نتيجة ذوبان الكتل الجليدية، وتغير الأنماط المناخية وحدوث الكوارث المناخية والأعاصير والعواصف والفيضانات وزيادة حدتها وحجمها، وخسارة مخزون المياه حيث إنه في غضون 50 عاماً سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص".

    تفادي هذه الظاهرة

    وحول كيفية تفادي هذه الظاهرة، ذكر الغريز أنه لا يوجد حل قريب أو سريع لمشكلة تغير درجات الحرارة، وإنما حل تدريجي مرحلي عبر خفض غازات الدفيئات في الغلاف الجوي، وزيادة مساحات الغطاء الزراعي، وترشيد استهلاك الطاقة.

    وأشار إلى أن وجود عدة محاولات دولية لتخفيض انبعاث هذه الغازات، منها معاهدة التغير المناخي في "البرازيل" عام 1992 وبروتوكول "كيوتو" عام 1997 الذي يحدد لكل دولة نسبة الغازات المسموح أن تنبعث منها، والبحث عن مصادر طاقة لا تنبعث منها الغازات الدفيئة، مبيناً أن 128 دولة صادقت على المعاهدة، ورفضته الولايات المتحدة الأمريكية التي تأتي في مقدمة الدول المتسببة في التلوث المناخي.  وحول دور المواطن الفلسطيني في الحفاظ على البيئة، أوضح أن الحفاظ على البيئة مسئولية جماعية لأن البيئة للجميع والضرر على الجميع، وأنه من واقع الإحساس بالمسئولية تجاه العالم والبيئة العالمية، يجب أن يساهم كل شخص في الحفاظ على البيئة، وذلك من خلال التوعية، وترشيد مصادر الطاقة، واستخدام الطاقة البديلة والمتجددة "الطاقة الشمسية"، وتوجيه المواطنين للإكثار من زراعة الأشجار، ونشر الثقافة والقيم الإسلامية التي تدعو للحفاظ على البيئة.

    الحصار والحرب

     

    وحول تأثير الحصار والعدوان الإسرائيلي الأخير على مجمل عناصر البيئة الفلسطينية، أكد أن البيئة الفلسطينية تعرضت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير بكامل عناصرها إلى أبشع تدمير وتخريب وتلويث يطولها منذ عقود، شمل جميع عناصر البيئة ومقوماتها وبالدرجة الأولى منها الإنسان الذي هو أهم ثروة بيئية فلسطينية.

    وشدد على أن تدمير البيئة الفلسطينية سياسة إسرائيلية ممنهجة، وليست طارئة نتيجة الحرب وإنما هي منذ عام 1948 حيث تسيطر (إسرائيل) على المياه العذبة التي تمثل أهم مقومات الحياة، وتقوم بحفر سلسلة من الآبار على الحدود الشرقية لقطاع غزة من أجل سحب المياه العذبة، ملفتاً إلى أن القطاع يعاني من أزمة في المياه نتيجة عدم تعويض الكميات الكبيرة التي يتم سحبها من الخزان الجوفي.

    وتحدث الغريز بإيجاز حول التدمير والتلويث الذين طالا عناصر البيئة خلال الحرب، وأوضح أنه خلال العدوان الإسرائيلي تعرض القطاع لقصف متواصل بشتى أنواع القذائف والذخائر والأسلحة المحرمة حتى تلبدت معظم أجوائه بدخان أسود أبيض كثيف جراء القصف المتواصل، والطلعات الجوية المستمرة والتحليق المكثف لشتى أنواع أسلحة الطيران التي قذفت آلاف الأطنان من الذخائر فوق القطاع.

    وذكر أن الحرب الإسرائيلية أدت إلى تلويث الهواء نتيجة للانبعاث المكثف لعوادم آليات ومدرعات الاحتلال في هجومها البري على القطاع، لافتاً إلى أن نتيجة الحصار وتعمد الاحتلال الإسرائيلي في قصف مقر سلطة جودة البيئة بكافة أجهزتها لمراقبة وقياس التلوث، أدى إلى عدم قياس مستويات تلوث الهواء.

    وعن تلوث الشاطئ والبيئة البحرية، أوضح أن التلويث الأساسي للشواطئ والبيئة البحرية الناتج عن الحرب أدى إلى عدم تمكن مشغلي محطات معالجة المياه العادمة في القطاع من الوصول إلى مواقع عملهم وإدارة محطات المعالجة، ما نتج عنه ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة إلى البحر دون معالجة، حيث بلغت هذه الكميات ما يزيد على 60 ألف متر مكعب يومياً من المياه العادمة.

    أما عن تلوث المياه الجوفية فقال :"إن المياه الجوفية تعرضت لنوعين من الاعتداءات جراء العدوان الإسرائيلي تمثل في قصف شبكات المياه العذبة في كثير من مناطق القطاع، مما سبب إهدار كميات ضخمة من هذه المياه المسحوبة من الخزان الجوفي، وقصف بعض محطات المعالجة وانسكاب المياه غير المعالجة في بيئة مفتوحة وبالتالي ترشح المياه العادمة الملوثة إلى الخزان الجوفي".

    وأضاف: "إن مئات الأطنان من القنابل والذخائر التي ألقتها (إسرائيل) على القطاع سوف يكون لها تأثيرات ملوثة لمياه الخزان الجوفي"، لافتاً إلى أن نتائج هذا التلوث لا تظهر في الحال، وإنما تستغرق وقتاً ليظهر تأثيرها على المياه الجوفية".

    أما عن أثر الحرب على التنوع الحيوي والأراضي الزراعية، بيَّن أن (إسرائيل) جرفت خلال عدوانها ما يزيد عن 400 ألف شجرة في مساحة لا تزيد عن ألف دونم، وحددت بعد الحرب مسافة أسمتها حزاماً أمنياً تمتد 300 متر على طول حدود القطاع، وتمثل هذه المسافة حوالي 5% من مساحة القطاع ، ملفتاً إلى أن لهذين الاعتداءين أثراً خطيراً ومدمراً على التنوع الحيوي والأراضي الزراعية.

    الأخطار تهدد البيئة

    وفي معرض رده على سؤال، حول الأخطار التي تهدد البيئة الفلسطينية على المدى المنظور وسبل تلافيها، قال: "إن الخطر الأكبر على البيئة الفلسطينية يكمن في التدهور الخطير والاستنزاف السريع الحادث لكافة المصادر البيئية، والتحدي الأكبر الذي تواجهه سلطة جودة البيئة هو العمل على وقف هذا التدهور الخطير والاستنزاف السريع، ومن ثم عكس هذا الاتجاه من التدهور إلى تحسين وتطوير وتنمية هذه المصادر".

    وأضاف: "إن سلطة جودة البيئة تأمل من خلال خطة استراتيجية مرحلية تم اعتمادها لوقف استنزاف المصادر البيئية بنسبة 30% بحلول العام 2012، ومع تحقيق هذا الهدف نكون قد وضعنا حجر الأساس لوقف الاستنزاف المتسارع للموارد البيئية، ومن ثم عكس هذا الاتجاه إلى التنمية والتطوير".

    خطط واستراتيجيات ومشاريع

    وعن دور سلطة جودة البيئة، ذكر أنها قامت بوضع الخطط والاستراتيجيات والمشاريع، لعلاج آثار الدمار الذي تعرضت له البيئة الفلسطينية جراء السياسة الإسرائيلية الممنهجة للتدمير، ملفتاً إلى أن استمرار الحصار هو من يعيق تنفيذ هذه الخطط والمشاريع.

    وذكر أنه بعد العدوان الإسرائيلي قامت سلطة جودة البيئة بحصر الأضرار التي تعرضت لها البيئة الفلسطينية وسلطة جودة البيئة من مختبرات ومقرات تم تدميرها، وتم تشكيل لجنة ترأسها سلطة جودة البيئة وتتكون من العديد من الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية "وزارة الصحة، وزارة الزراعة وسلطة الطاقة" لتقييم الأثر البيئي للحرب على غزة.

    ونوه إلى أنه تم وضع رزمة متكاملة من مقترحات المشاريع للنهوض بسلطة جودة البيئة وإعادة إمكانياتها وقدراتها لتكون قادرة على القيام بدورها، ومجموعة من المشاريع لمعالجة آثار الحرب على غزة، والسعي لتسويق هذه المشاريع لتحسين البيئة الفلسطينية وتخفيف الآثار التي لحقت بها، إضافة لتوزيع نشرة توعوية للجمهور، وغيرها من المشاريع.

    خسائر كبيرة

    وعن حجم خسائر البيئة الفلسطينية جراء العدوان الأخير على غزة، أوضح الغريز أن الخسائر تنقسم إلى نوعين، خسائر لحقت في سلطة جودة البيئة في المقار والأجهزة والمختبرات تجاوزت مليون دولار، وخسائر لحقت في البيئة الفلسطينية نتيجة تلوث الخزان الجوفي والهواء، والأراضي الزراعية والبيئية البحرية بلغت 100 مليون دولار.

    وعن الدور المنوط بالفرد ليحافظ على البيئة الفلسطينية، ذكر أنه يجب المحافظة على البيئة العامة وعدم تخريبها، بل حمايتها والقيام بزراعة الأشجار، وغرس القيم الإسلامية لدى الأطفال التي تحث على زراعة الأشجار، وعدم قطع الأشجار وما يستظل به الناس، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه والموارد الطبيعية، إضافة إلى دفع المستحقات التي على المواطنين القادرين لتمكين البلديات من القيام بواجبها في تنظيف البيئة من المخلفات الصلبة والسائلة.