• شارك برأيك
    english

    أكثر من 100 أسير فلسطيني يقضون عقوبة بالعزل الانفرادي لفترات مختلفة

    بصوت يملؤه الأمل بغد مشرق ، وبتفاؤل بقرب انتهاء المعاناة ، ردد الأسير (حسن سلامه) بعض الأناشيد التي يحفظها لكي يكسر روتين الحياة الممل والقاتل في تلك الزنازين الضيقة الانفرادية ، التي لا تعرف الرحمة ، ولا تشتم منها إلا رائحة الكآبة والموت أو الجنون . الأسير" سلامه" المحكوم بعدة مؤبدات يقبع في العزل الانفرادي منذ 6 سنوات ، حيث تتهمه سلطات الاحتلال بالمسئولية عن مقتل العشرات من الإسرائيليين ، وهو واحد من أكثر من (100) أسير فلسطيني يتعرضون للعزل في زنازين وأقسام العزل المختلفة في سجون الاحتلال ،والتي قد يستمر لسنوات طويلة لتحفر في عقل ونفس وجسد الأسير أثاراً لا يمكن أن تمحى بسهولة نظراً لما يتعرض له من ضغط نفسي وجسدي ، وحرمان من كل شئ حتى من الحديث مع البشر وأحياناً الحديث مع النفس بصوت مرتفع . ومع أن العزل عقوبة يجب أن تحدد بزمن معين ، إلا أن الاحتلال يتعمد ألا يضع سقف زمني لها لزيادة الضغط النفسي على الأسير ، ويجدد هذا العزل عبر محكمة تمديد العزل، وهي محكمة صورية يعرض عليها الأسير دون إخباره بسبب عزله ،الذي غالباً ما يكون بتوصية من جهاز المخابرات الإسرائيلية" الشاباك"ويبلغ بالتمديد بسبب وجود مواد سرية لمدة عام في العزل إذا كان العزل مزدوجاً ( أي شخصان في الزنزانة)، ولمدة 6 شهور إذا كان العزل انفراديا ( أي شخص واحد في الزنزانة) و يمكث الأسير هذه المدة الجديدة يقاسي كل أشكال المعاناة ليصل إلي محكمة جديدة في انتهاء فترة العزل ، ويستلم قرارا جديدا من القاضي بالتمديد لفترة أخرى ولنفس الأسباب السرية ، وهكذا لسنوات طويلة.

    عقوبة للقادة

    أشارت وزارة الأسرى والمحررين في تقرير لها حول الأسرى المعزولين بان إدارة سجون الاحتلال تفرض عقوبة العزل على الأسرى الذين يتهمون بتنفيذ عمليات جهادية كبيرة أدت إلى مقتل إسرائيليين ، أو الأسرى الذين يعتبرون قادة الحركة الوطنية الأسيرة ، وكلمتهم مسموعة لدى الأسرى، بهدف إذلال الأسير وكسر إرادته وتحطيم نفسيته، وجعله جسداً بلا روح ، وهذا الجسد أيضاً تحرص على أن يكون أرضاً خصبة لانتشار الأمراض التي تفتك به كأمراض العظام ،وضعف البصر ، وتجعله يفقد الروح والجسد معاً ، ويتمنى الموت ألف مرة على أن يبقى رهين الجدران يحدث نفسه ويعد الساعات والأيام التي تطول ليخرج من هذا القبر المظلم . وبدوره، أوضح رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة بان العزل نوعين ، هناك الزنازين الانفرادية وتسمى (السنوك) التي يوضع بها الأسير لوحده و لا تزيد مساحتها عن 1.5فى 2 متر ، ولا يوجد بها متسع للحركة أو المشي أو الصلاة ، ويوجد بها فرشة واحدة ، وبطانية للغطاء ،ويوفر الاحتلال بها قارورة لقضاء الحاجة ، وأخرى لشرب الماء ، ولا تسمح للأسير بالخروج إلى الحمام سوى مرة واحدة في اليوم ، وفى هذه الزنازين ينعدم الإحساس بالوقت فلا تعرف مواعيد الصلاة أو دخول الليل وغير مسموح للأسير بإدخال ساعة ، أو راديو وصحف أو أى وسيلة تواصل مع العالم الخارجي ، ولا يسمح له بشراء أي غرض من كنتين السجن ، ويحرم من الزيارة ، والنوع الأخر هو أقسام كاملة للعزل وهى أفضل بقليل من السنوك حيث تكون غرف العزل اكبر بقليل ويمكن أن يتواجد فيها أكثر من أسير ، ودورة المياه داخل الغرفة ، ويسمح له بإعداد طعام داخل الغرفة،واقتناء بعض الأجهزة الكهربائية ، ولكنه أيضاً محروم من كل حقوقه بما فيها الزيارة .

    أكثر الأسرى عزلاً

    وذكر الأشقر بان عدد الأسرى المعزولين يزيد عن 100 أسير في مختلف السجون ما بين عزل انفرادي ،وعزل داخل أقسام العزل في عسقلان والرملة وايالون ونفحه وبئر السبع وعسقلان ، ولكن هناك عدد من هؤلاء هم من أكثر الأسرى تعرضاً للعزل الانفرادي ، وتستهدفهم إدارة السجون بعقاب العزل بشكل مستمر وهم : - الأسير (حسن سلامة) من مدينة خان يونس محكوم عشرات المؤبدات له في العزل (6) سنوات. - الأسير (إبراهيم حامد) من سلواد موقوف ومحكوم عشرات المؤبدات ،موجود فى العزل منذ اعتقاله قبل ما يزيد عن ثلاثة سنوات. - الأسير (محمود عيسى) من القدس محكوم عدة مؤبدات ، له في العزل (8) سنوات. - الأسير (تيسير الصمودى) من اليامون ، امضي أكثر من 14 عاماً متنقلاً بين زنازين العزل . - الأسير (معتز حجازي ) من القدس محكوم (11)عام، له في العزل (6) سنوات. - الأسير (عبد الناصر حليس ) له في العزل أكثر من 10 سنوات . - الأسير (جمال أبو الهيجا) من جنين محموم عدة مؤبدات، له في العزل (4) سنوات. - الأسير (عبدالله البرغوثي ) من رام الله محكوم 67 مؤبد ،موجود في العزل منذ اعتقاله قبل (5) سنوات. - الأسير (احمد المغربي) من بيت لحم محكوم عدة مؤبدات له في العزل (5) سنوات. - الأسير (محمد جمال النتشة) من الخليل وهو عضو مجلس تشريعي محكوم( 8 ) سنوات، امضي في العزل( 5 ) سنوات.. - الأسير(عويضه كلاب) من غزة محكوم بالسجن المؤبد مكث أكثر من 10 سنوات في العزل، وأصيب بمرض نفسي . - الأسير (هشام الشرباتي) محكوم (8) سنوات، له في العزل (3) سنوات. - الأسير (زاهر جبارين) من الخليل ، محكوم بالمؤبد ، وتعرض للعزل أكثر من مرة أطولها لمدة عامين . - الأسير (موسى دودين) من الخليل محكوم بالمؤبد ، وتعرض للعزل أكثر من 6 مرات . - الأسير (مهاوش نعيمات ) من رفح موقوف وله في العزل ما يزيد عن عام ونصف . - الأسير (محمد جابر عبيدى) ، من بلدة كفر نعمة، قضى أربع سنوات. - الأسير (أسامة العينبوسي)، من بلدة طوباس. - الأسير (صالح دار موسى)، من بلدة بيت لقيا - الأسير (جهاد يغمور) من مدينة القدس.

    معاناة دون حدود

    وأشار الأشقر إلى بعض صور المعاناة التي يلاقيها الأسرى المعزولين في زنازين العزل وأخطرها وضع المعزولين في أقسام الجنائيين حيث يتعرضون لكل أشكال الإساءة والشتائم ورش المواد الحارقة السوائل وكذلك الإساءة إلي المشاعر الدينية والإزعاج المستمر بالموسيقي الصاخبة والطرق المستمر علي الأبواب ، والعد المتكرر كل فترة قصيرة. وأضاف "لا يسمح للأسرى بالخروج الى الفورة ( ساحة النزهة) إلا ساعة واحدة في اليوم وغالبا ما يتحكم الشرطي بهذه الساعة حيث يأتي في أيام البرد القارص في الساعة السادسة صباحا يطلب التجهز للفورة وإذا كان احد المعزولين في الغرفة يريد النوم والآخر يريد الخروج فيجب عليه أن يستيقظ كي يتم وضع الكلبشات في يديه ليستطيع الأخر الخروج وإذا لم يصحو يحرم الأخر من الفورة وإذا أراد الاثنان الخروج توضع لهما الكلبشات ويخرجان واحداً واحداً".وتابع وصفع لمعاناة الاسرى، في أحيان كثيرة يفرض علي احدهما أن يبقي في الكلبشات في الفورة والأسوأ أن الكلبشات ترافق المعزول في كل تفاصيل حياته اليومية عند إخراج النفايات أو زيارة المحامي أو زيارة الأهل أمام العائلة وعند الخروج للعيادة أو المحكمة حتى أن المعزول يوضع علي سرير الفحص مستلقيا يده مربوطتان تحت ظهره ويجبر حتى علي أعطاء عينة البول وهو مصفد بطريقة مهينة جدا. كذلك فالأسير المعزول مكره علي كل أشكال الحياة بما في ذلك العيش حيث تفرض عليه مصلحة السجون أن يكون بصحبة شخص آخر وغالبا ما تكون تهوية الزنزانة الضيقة سيئة وأحد الشخصين مدخن وربما يكون احدهما متدين والآخر غير ذلك ،وهكذا يخلق للمعزول تناقض داخل غرفته مدة 24 ساعة ، وإذا حاول احدهما الاحتجاج أو الخروج من عند الأخر يكون الضرب والهراوات هي الحل ويتم إجبارهما علي العيش معا وإذا رفضا ، تصادر كل إغراضهما ويتم تحويل الزنزانة إلى ( سينوك) أو غرفة عقوبة مجردة من كل الأغراض وأكثر من مرة قالوا للأخوة بإمكان أحدكما أن يتخلص من صاحبة بموت أحدكما. ويتعرض الأسير إلى اشد العقوبات إذا قرأ القران بصوت عال أو كسر أي شي بشكل غير متعمد أو تكلم مع أي احد من السجناء في القسم أو إذا وجدت أي قطعة معدنية أو سلك أو أي خيط مربوط لغرض معين ، يتم سحب أغراض الغرفة الكهربائية ويمنع الأسير من الكانتينا والنزهة اليومية، أما زيارة الأهل فهي أصلا ممنوعة إلا في حالات نادرة . هذا عدا عن التفتيش المستمر والعنيف وتكسير الأغراض و مداهمة الغرف بعد منتصف الليل من قبل وحدة خاصة تكون ملثمة ومعها كاميرات فيديو ،و تتم تعريه الأسير، لعبث بمحتويات الغرفة وتخريب جزء كبير منها وهو مكبل اليدين وبعد الانتهاء التفتيش يغلق الباب ويخرج يديه من فتحة كبيرة من أسفل الباب ويتم فلك يديه ويبقي لمدة يومين أو ثلاث يرتب غرفته وإرجاع أغراضه وبعد عدة أيام يتكرر نفس التفتيش مرة أخرى. وإذا تعرض الأسير المعزول إلى اى وعكة صحية فعليه أن يمر في عدة إجراءات معقدة قبل أن يعرض على الطبيب حيث عليه أن يسجل عدة مرات للعيادة وغالبا ما يكون لقسم العزل يوم محدد في الأسبوع يسمح فيه الخروج للعيادة كيوم الاثنين مثلا ولذلك لو مرض المعزول يوم الثلاثاء فعلية الانتظار لمدة أسبوع ليذهب للعيادة وفي ذلك اليوم إذا كان الضابط منشغلا أو مجازا ( ضابط العزل) فقد ضاعت فرصته ، وذلك عليه الانتظار لأسبوع أخر وحتى لو خرج للعيادة يبقي مكبلا أثناء الفحص ويسمع إهانات من الطبيب والممرض ، وإذا اقتضى الأمر فحوصات دم أو تصوير فعلية الانتظار لأشهر هذا إن أجريت له أصلا وغالبا فان الأجواء الصحية في العزل سيئة من حيث التهوية والنظافة والفئران تسطو علي الأكل باستمرار والصراصير والبعوض تملا الغرفة والأسوأ من ذلك فان ساحة النزهة اليومية ليست أكثر من مجرد غرفة مسقوفة بأسبست لا تدخلها الشمس ، مساحتها 5 أمتار طولا و4 أمتار عرضا لا يمكن ممارسة الرياضة فيها ولا المشي وغالبا ما تكون مليئة بمخلفات الأسرى الجنائيين كالبول والبراز والقاذورات. ويحرم المعزول من كل الحقوق الدينية كالأعياد وصلوات الجمعة حتى الكتب الدينية وربما سجادة الصلاة تسحب أحيانا، كما يحرم من زيارة الأهل ، ويحرم من الصحف .

    أثار نفسية

    وأشار تقرير الوزارة، إلى أن العزل يترك أثار نفسية كبيرة علي الأسير فهو لمدة سنوات لا يرى أحدا إما لوحدة وإما مع شخص أخر لا يختلط بالناس، يمارس عليه كل أشكال التعذيب النفسي والحرمان ثم عندما تبدو عليه بعض علامات الاحتجاج والتأثر يتهم بأنه يريد الانتحار وفورا تحضر وحدات القمع الخاصة ويتم تربيطه في (البرش) مصطبة الحديد المرتفعة التي ينام عليها معزول من يديه وقدميه ويفك في اليوم فقط مرتين لمدة نصف ساعة صباحا ومساء للأكل وقضاء الحاجة. وقد أكدت العديد من المنظمة الحقوقية الدولية بان العزل يترك اثاراً نفسية واضحة ، ويصيب الأسرى بحالات من الجنون نتيجة عزلهم عن العالم لفترات طويلة ، حيث ان الإنسان بطبعه اجتماعي ، ويحتاج للحديث مع غيره ، فإذا تم حرمانه بشكل قسري من هذه الفطرة الطبيعية فانه يتعرض للإصابة بأمراض نفسية خطيرة تثر على سير حياته بشكل طبيعى . الأسير (عويضة كلاب ) من غزة، والمحكوم بالمؤبد، و قضى 20 عاماً في سجون الاحتلال ،تعرض للعزل لأكثر من 12 سنوات مما أدى إلى إصابته بمرض نفسي خطير وحالة فقدان أهليه ،أدت إلى عدم معرفته بأصدقائه في السجن ،ويرفض زيارة ذويه ، حتى انه لم يعد يتعرف على ابنه الوحيد الذي أصبح شاباً بعد أن تركه طفل صغير . ويعانى الأسير (عفيف عواوده) من مرض نفسي خطير جراء عزله لفترات طويلة ، وحاولت إدارة السجون استغلال مرض الأسير ، لدفعه للاعتداء على احد زملائه في العزل ، كذلك يعانى الأسير ( درويش دوحل ) من حالة نفسية وعصبية نتيجة وجده في العزل الانفرادي حيث انه لا يرغب في الحديث مع احد ،ولا يخرج من زنزانته في وقت الفورة اليومية . وهناك العديد من الأسرى الذين أصيبوا بحالات اكتئاب وأمراض نفسية نتيجة عزلهم عن العالم لفترات طويلة ،مما يستدعى وقفة جادة من اجل وقف هذه السياسة الإجرامية بحق الأسرى ، والتي تخالف المواثيق الإنسانية ، لذا تطالب الوزارة من المؤسسات الدولية التدخل العاجل للجم الاحتلال عن ممارسة العقاب بالعزل ضد أسرانا وأسيراتنا في السجون ، وتحسين ظروف حياتهم في السجون بشكل يتناسب مع متطلبات القانون الدولي ، قبل أن يطالبوا الفلسطينيين بإطلاق سراح الجندي شاليط أو زيارته من قبل الصليب الأحمر