• شارك برأيك
    english

    (التقزم والنحول)..أمراض سوء التغذية لدى الأطفال تتزايد في قطاع غزة جراء الفقر والحصار

    ما ذنب طفلي الصغير حتى يحرم من العناصر الغذائية التي يحتاجها جسده النحيل حتى يكبر كأقرانه؟ تتساءل الأم بحرقة وغضب وهي تحمل طفلها المفترض أن يسير إلى جانبها، لكن النحول الذي أصابه يحرمها حتى من ابتسامة وجهه الضعيف.تقول أم محمد الحلو: "أتعذب وأنا أرى أقران ابني يحيى يصرخون ويبتسمون بينما هو جسد هامد لا يقوى حتى على الصراخ، بسبب مرض سوء التغذية الذي أصابه". وتضيف: "الجميع يعرف أوضاعنا في غزة، فلا يوجد عمل أو أي مصدر رزق نوفر لأبنائنا من خلاله ما يحتاجونه من غذاء مفيد".أم محمد واحدة من بين كثيرات من الأمهات اللواتي يتحسرن على طفولة أبنائهن التي لم تكتمل، جراء حالة الفقر التي فاقمها الحصار، وأصبحوا بعد ذلك لا يملكون القدرة على توفير الغذاء السليم للأبناء، الأمر الذي أدى إلى إصابتهم بأمراض سوء التغذية المتعددة.وقال المدير الطبي في جمعية أرض الإنسان بغزة الدكتور عدنان الوحيدي ان تفاقم أمراض سوء التغذية لدى الأطفال في قطاع غزة من خلال نقص العناصر الغذائية الدقيقة يؤدي الى الزيادة الملحوظة في أعداد الأطفال الذين يعانون من "النحول والتقزم". وقال ان "الشواهد والاحصائيات تشير إلى ازدياد ظاهرة انتكاس النمو بسبب سوء التغذية، وهو ما جعل هذا المرض بمثابة حالة مزمنة تنعكس على صحة الطفل الفلسطيني ومناعته وقدراته الجسدية والعقلية والإبداعية".وذكر الوحيدي أن هناك أكثر من 11.7 في المئة من الأطفال ما بين 6 أشهر و5 أعوام يعانون من حالة "التقزم"، بينما تعطي المؤشرات الأولية لمشروع مسح أعداد الأطفال الذين يعانون من أمراض سوء التغذية في قطاع غزة دلالات خطيرة تنذر بمستقبل صعب ينتظرهم. وارجع الدكتور الوحيدي أسباب تفاقم أعداد المصابين بالمرض إلى تنامي الفقر بدرجة كبيرة، الأمر الذي انعكس على نوعية السلة الغذائية التي يتناولها الطفل. وقال: "في ظل الفقر أصبح أطفال القطاع يتناولون نمطاً غذائياً واحداً يفتقر إلى التوازن الغذائي والتنوع المطلوب للعناصر الغذائية التي تؤمن النمو الجسدي السليم". وأكد تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة تأثير حالة الفقر على الصحة العامة للفلسطينيين وخصوصاً الأطفال. وقال التقرير: "سيكون لتردي مستويات المعيشة أثر سلبي على صحة السكان على المدى الطويل، وأكثر الناس تعرضا للمعاناة هم الأطفال الذين يشكلون تقريبا أكثر من نصف عدد سكان غزة". وأضاف: "كما تعمل المستشفيات بصعوبة شديدة لأن الإجراءات المعقدة والبطيئة التي تفرضها إسرائيل على الواردات تبطئ من عملية تسلم الإمدادات الطبية الأساسية".وفي السياق ذاته شدد مدير دائرة الرعاية الأولية في وزارة الصحة بغزة الدكتور فؤاد العيسوي على أن الظاهرة تتفاقم كماً ونوعاً، جراء حالة الحصار وما تبعه من فقر وارتفاع الأسعار، وبالتالي عدم مقدرة الأسر الفلسطينية على توفير الأصناف الغذائية المطلوب للأطفال.وأشار إلى وجود برنامج موسع للاكتشاف المبكر عن أمراض سوء التغذية يعتمد على مقاييس دولية، تنفذه وزارة الصحة في ظل الارتفاع الملحوظ في أعداد الأطفال الذي يعانون من ذلك المرض.من جانبه اعتبر مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة الدكتور محمود ضاهر أن أمراض سوء التغذية تعتبر حالة مزمنة في قطاع غزة، ولم يطرأ عليها أي تحسن منذ سنوات، رغم الجهود الكبيرة التي يتم بذلها للتخفيف من هذه المشكلة، مؤكداً أنه لولا حجم المساعدات الغذائية الكبيرة التي تقدمها المؤسسات الدولية للسكان في قطاع غزة لتفاقمت هذه الأمراض بصورة كبيرة للغاية. وقال: "عمليات التبرع التي يقدمها المجتمع الدولي حالت من دون تفاقم هذه الأمراض ووصول الأمر إلى حالة تدهور كبيرة، خصوصاً وأن 80 من السكان يستفيدون من المساعدات التي تقدها المؤسسات الدولية".وذكر الدكتور ضاهر أن 10 في المئة من أطفال قطاع غزة يعانون من أمراض سوء التغذية المزمن و2.4 من سوء التغذية الحاد، ونصف الأطفال يعانون من فقر الدم، وحوالي 40 في المئة من النساء في سن الإنجاب يعانون من نفس الأمراض. ولفت على التأثيرات السلبية المتعددة التي تتركها أمراض سوء التغذية على الأطفال في المستقبل، خصوصاً المتعلقة بالتحصيل العلمي والذكاء والقدرات الجسدية والفكرية والقيام بالعمال اليومية.