• شارك برأيك
    english

    مع استمرار انقطاع الكهرباء...حر الصيف يكوي الغزيين

    ضبطت أم محمد المنبه الساعة الثانية عشر ليلا وقررت الخلود إلى النوم مبكرا بعدما خيم الظلام على المنطقة ، على أن تستيقظ في موعد عودة التيار الكهربائي بعد منتصف الليل لإنهاء أعمالها المنزلية من "خبيز ، وغسيل" .ويجسد حال أم محمد معاناة أهالي غزة في أيام الصيف الحارقة التي يتواصل فيها انقطاع الكهرباء لساعات طويلة بسبب العجز الكهربائي ويحول الحصار دون التغلب عليه .

    عجز كهربائي

    وتجلس المسنة أم محمد على باب منزلها تحاول اصطياد نسمة هواء باردة ، بعيدا عن حرارة المنزل الملتهبة ، وتقول " حياتنا صارت "بالشقلوب" صرنا نصحا في الليل عشان نخلص شغلنا والناس نايمة وبتكون الكهرباء قوية ".وتعود أزمة الكهرباء منذ منتصف العام 2006 عندما أقدمت طائرات الاحتلال على قصف المحولات الكهربائية التابعة لسلطة الطاقة الفلسطينية والتي بدورها تحول الكهرباء المنتجة في محطة التوليد الوحيدة في غزة .وأدخل ذلك القصف القطاع بدائرة العجز الكهربائي ، وتقول سلطة الطاقة أنه نتيجة لارتفاع درجات الحرارة في محافظات غزة ، زاد الطلب على الكهرباء علماً بأن قطاع غزة يعاني من عجز في إمدادات الطاقة حيث أن كمية الطاقة المتوفرة هي 187 ميجاوات وقطاع غزة بحاجة إلى 250 ميجاوات، مع العلم أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلباً على أداء الشبكة مما يزيد من الأعطال الفنية وهذا ينعكس بشكل مباشر على المواطنين من حيث فترة انقطاع التيار الكهربائي وتكرار الفصل خلال الأسبوع. وبحسب السلطة فانه خلال الأسبوع الماضي حدث عطل في أحد الخطوط من الجانب الإسرائيلي بقدرة 12 ميجاوات وهو الخط المغذي لشمال القطاع ومنطقة الشاطئ والشيخ رضوان، وأعاق الاحتلال إصلاحه لمدة 4 أيام مما أثر سلباً على المواطنين بشكل ملحوظ ولذلك قامت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية بالتعاون مع شركة توزيع الكهرباء بتوزيع كمية الطاقة المتوفرة على المواطنين حسب الجداول الزمنية المخصصة لكل منطقة ومراعاة العدالة في التوزيع. وناشدت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية جميع المواطنين بترشيد استهلاك الطاقة ودفع فاتورة الاستهلاك لضمان الاستمرار في تزويد خدمات أفضل للمواطنين في ظل عدم توفر المواد الكهربائية نتيجة الحصار الظالم. 

    جذور الأزمة

    وبالعودة لبداية أزمة الكهرباء فانه وبعد قصف الاحتلال للمحولات الكهربائية التابعة لسلطة الطاقة التي تقوم بنقل الكهرباء ، باتت المحطة مشلولة مع أنها كانت قادرة على إنتاج الكهرباء ، لكن لم يكن هناك محولات لنقلها إلى الشبكة وبالتالي توقف عملها بشكل كامل .وكما يقول الدكتور رفيق مليحة مدير المشروع في شركة غزة لتوليد الكهرباء "تمكنت سلطة الطاقة بعد مرور ثلاثة أشهر على قصف المحطة من توفير محولات جديدة بقدرة أقل من السابقة باعتبارها حل وقتي لحين إيجاد حلول جذرية ، إلا أن الحال بقي على ما هو عليه".وأوضح مليحة أن المحطة كانت قادرة منذ فترة طويلة على إنتاج مائة وأربعين ميغا واط ، إلا أن الشبكة تمكنت من استيعاب مائة وثمانية عشر ميغا كحد أقصى قبل قصف المحولات ، وبعد وضع المحولات الجديدة التي تمت على مراحل كان آخرها في ديسمبر من العام الماضي تمكنت من نقل ثمانين ميغا واط ، لكنه بعد شهرين من التركيب تعطل أحد المحولات فباتت الشبكة تستوعب ما بين ستين إلى خمسة وستين ميغا واط ، مشيرا إلى أن هناك محاولات لإصلاحه.وخضعت محطة توليد الكهرباء خلال الفترة الماضية لصيانة دورية وأضاف مليحة " كان من المفترض أن تتم الصيانة الدورية في الخريف الماضي لكن بناء على الأوضاع الصعبة وعدم موافقة قوات الاحتلال على دخول عمال الصيانة السويديين تم تأجيلها لهذه الأيام" .ورغم انتهاء المحطة من أعمال الصيانة إلا أن مشكلة العجز في إنتاج الكهرباء ستبقى قائمة ، حيث تفيد المعلومات الواردة من شركة التوزيع بأن حاجة غزة للكهرباء تقدر بمائتي وثمانين ميغا واط في وقت الذروة أي بالصيف والشتاء ، في الوقت الذي تنتج فيه المحطة حاليا خمسة وستين ميغا ، فيما تصل القطاع عبر إسرائيل مائة وسبعة عشر ميغا واط ، وسبعة عشر ميغا من مصر أي بمجموع يقارب المائتي ميغا واط .ويشدد مليحة على أن مشكلة نقص السولار الصناعي اللازم لتشغيلها لازالت قائمة ، مشيرا إلى أن مشكلة الكهرباء باتت متراكمة منها نقص قطع الغيار ، وقلة قدرة المحولات ، وصعوبة الصيانة حيث تأخر وصول عمال الصيانة السويديين ، علاوة على أن كمية الوقود التي تسمح قوات الاحتلال بدخولها محدودة بـ 2.2 مليون لتر أسبوعيا وهو ما يمكنهم من إنتاج ما بين 60-65 ميغا واط فقط ، وفي حال توقف دخوله ليوم واحد فسيؤثر على عمل المحطة .

    تقطع العمل

    وكشف تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "اوتشا" أن محطة الطاقة الوحيدة في غزة تعمل بشكل متقطع ما يؤدي إلى نقص بنسبة 41% ، فيما يعاني السكان في غزة من انقطاع التيار لمدة تصل 16 ساعة في اليوم، حيث يؤثر نقص التيار الكهربائي على أنظمة المياه والصرف الصحي مع نتائج واضحة على الصحة العامة ، مشيرا إلى انه يتوقع أن تعاني محطة الطاقة من أضرار على المدى البعيد بسبب انقطاع التيار ونقص الصيانة الضرورية.وقال : "تصل توقعات طلب الكهرباء في قطاع غزة إلى معدل 237 ميغاواط؛ يتم شراء نسبة 51 % من هذا الطلب(122 ميغاواط) من إسرائيل ونسبة 7% (17 ميغاواط) من مصر، ويمكن لمحطة الطاقة في غزة أن تنتج بكامل طاقتها ما يقرب من 43 % من الطلب، ما يؤدي إلى حصول عجز بنسبة 8%.وأضاف التقرير " في شهر تشرين الثاني 2007 ، وبعد تصنيف غزة على أنها "كيان معاد"، بدأت إسرائيل بتخفيض كمية الوقود التي تقوم بضخها إلى قطاع غزة، بما يتضمن كميات الوقود الصناعي المستخدم في تشغيل محطة الطاقة، ومنذ ذلك الحين، تمكنت المحطة من العمل بقدرة 75% إلى 80 % من كامل قدرتها (65 ميغاواط)، ما يوسع العجز إلى نسبة 15% وفي العديد من المناسبات خلال فترة الثمانية عشر شهرا الماضية، بما فيها الفترة الأخيرة التي تضمنت الحصار المشدد، اضطرت المحطة أن تتوقف عن العمل بشكل نهائي ما أدى إلى انقطاع التيار في كامل مناطق غزة لفترات وصلت إلى 16 ساعة في اليوم في مدينة غزة. وقال التقرير : "لقد أدى الانقطاع المتكررة للكهرباء والنقص الجدي للوقود وقطع الغيار للمولدات الاحتياطية إلى أضرار في جزء من نظام المياه والصرف الصحي ، فما يقرب من 80 % من آبار مياه غزة تعمل حاليا بشكل جزئي والجزء الآخر لا يعمل. ونتيجة لذلك تتوفر المياه إلى ما يزيد على نصف سكان غزة لبضعة ساعات فقط في الأسبوع، وفي حين ارتبطت قضية نقص الوقود بالإغلاق.