• شارك برأيك
    english

    أطفال غزة الفقراء يستغلون الصيف للبحث عن لقمة العيش

    أطفال غزة الفقراء يستغلون الصيف للبحث عن لقمة العيش

     

     

    يستغل أطفال فقراء في قطاع غزة الإجازة الصيفية لمساعدة أبائهم في إعالة أسرهم التي أنهكها الحصار المستمر على القطاع منذ ثلاثة أعوم والذي تسبب بارتفاع مضطرد للبطالة.

    وينتشر الأطفال اللذين أنهكت أشعة الشمس الشديدة أجسادهم على شواطئ قطاع غزة عارضين بضائع متنوعة في محاولة لكسب لقمة العيش. فوراء كل طفل من هؤلاء قصة محزنة، وقد لا تعرف أن كثيرين منهم يعدون بمثابة "رجل البيت"، لأنهم يكونون في كثير الحالات هم المعيل الوحيد لأسرهم.

    "أتمنى دخول الجامعة"

    يتجول "فادي الخزيري"، ابن العشر سنوات، على الشاطئ كل يوم، منذ الصباح وحتى حلول الليل، قاطعا بجسمه النحيل كيلومترات عدة، يعرض خلالها بضاعته على المصطافين، رغم حرارة الجو القائظ في الظهيرة، وسخونة رمال الشاطئ التي لا تحتمل، لتطبع الشمس وشمها بقسوة على ملامحه السمراء المنهكة.

    فادي هو الابن الخامس لأسرة تتكون من عشرة أفراد، ويتمنى أن يواصل مشواره التعليمي  حتى يتمكن من تحقيق حلمه الكبير بالتخرج من الجامعة، لكي يعمل في مجال أفضل ويعيل أسرته. يقول لـ "فلسطين": " أنا أعمل هنا بعد الانتهاء من العام الدراسي الطويل الذي مر على والدي وكأنه همّ كبير، لأن مصاريف الدراسة تثقل كاهله، ولا يوجد دخل عليه سوى بعض عقود البطالة التي تتاح له من حين لآخر، وما أتحصل عليه أنا وإخوتي من البيع على الشاطئ ".

    أما الطفل محمد أبو ناصر (12 عاما) والذي كان يجر عربته في الرمال محملا عليها كمية من البراد ( مشروب)، يقول: " السبب في وجودي هنا بدلا من وجودي في البيت والاستمتاع في الإجازة الصيفية هو الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها عائلتي، حيث والدي متوفى، ولا يوجد أحد ينفق على البيت سواي، عبر البيع على هذه العربة التي أتحصل منها على  30 شيكلاً تقريبا كل يوم ".

    وأضاف: " أعطي أمي كل ما أتحصل عليه لكي توفر لنا ما نأكله، بدلا من أن نمد أيدينا للناس، أما بالنسبة لي، فإن لدي القدرة على التحمل، والعمل من أجل أن أقي أمي ذل سؤال " اللي يسوى واللي ما يسواش ". الناس أحيانا ينظرون إليّ بشفقة، وقد يشتري منى البعض ويشعرني أنه يعطف علي، ولكنني أرى أنني أعمل بشرف لأنال لقمة عيشي ".

    أما الطفل مؤمن سمير، (10أعوام)، يقول والحسرة تملأ عينيه: " والدي يجبرني على العمل وبيع ما لدي من بضاعة على المصطافين لأنه عاطل عن العمل منذ سنوات، لكني لا أريد العمل هنا، بل أرغب في التمتع بالإجازة الصيفية كباقي زملائي في المدرسة، فلا يوجد فرق بيني وبينهم، هم متفوقون في الدراسة، وأنا كذلك ". 

    تأثيرها خطير على حياتهم

    يقول أستاذ علم النفس سمير قوتة لـ"فلسطين":" إن ظاهرة انتشار الأطفال البائعين على شاطئ البحر تعتبر مشكلة تواجه الأطفال، حيث تدفعهم الأوضاع الاقتصادية الصعبة للعمل، أو تقليد الطفل لأصدقائه في الشارع يدفعه أيضا للبيع على شواطئ البحر، كما يساهم ارتفاع معدل البطالة بين الأهالي في تفشي الظاهرة"، مشيراً إلى وجود دراسة يقوم بإعدادها بعض الاختصاصيين لمعرفة السبب الرئيسي لهذه المشكلة وطرق علاجها، وتقديم بدائل لهؤلاء الأطفال.

    ومن جهته، أكد سمير زقوت، المنسق الميداني بمركز حقوق الإنسان، على أن انتشار الأطفال البائعين على شواطئ البحر يعد " انتهاكا صريحا لاتفاقية حقوق الطفل العالمية، ويحمل في طياته " آثارا كارثية على صحة الطفل وشخصيته وطبيعة تعامله مع الآخرين في المستقبل".

    وطالب الحكومة بالعمل على البحث عن أولياء أمور هؤلاء الأطفال، والتأكد من عدم وجود أشخاص أو جهات تقوم بحث الأطفال للعمل من أجل جلب المال لها، مضيفا :"إن المركز يقوم بإعداد دورات توعية لأولياء الأمور تحثهم على معاملة أبنائهم بطريقة إنسانية وعدم استغلال الأطفال في أعمال تضر بمستقبلهم.