• شارك برأيك
    english

    حصار غزة يتفاقم ويدخلها العناية الفائقة

    تتسارع وتيرة الانهيارات في خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي في قطاع غزة الذي يغرق في أزمة الوقود والدقيق ، فيما تراجعت الخدمات التي تقدمها المرافق الصحية في ظل النقص الحاد بالدواء والمستلزمات الطبية .وتدق التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية والمحلية ناقوس الخطر في حال أبقت قوات الاحتلال على حصارها المطبق على الغزيين .

    القطاع الصحي

    القطاع الصحي كان الاكثر تضررا من الحصار المفروض على غزة نظرا لارتباطه بحياة المواطنين ، حيث تشير الاحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة الى أن مستودعات الوزارة تعاني من نقص أكثر من 40% من الأدوية الأساسية ، خاصة المخصصة لمرضى ارتفاع ضغط الدم والقلب والربو والسكري والأمراض المزمنة الأخرى، إلى جانب نقص الأدوية المكملة وخاصة لمرض السرطان والفشل الكلوي والكبدي.كما يوجد نقص في المستهلكات الطبية وتشمل لوازم الغيار والعمليات والتعقيم بما فيها الأدوات الجراحية اللازمة للعمليات الطارئة والعادية، وهنالك نقص أكثر من 30% فيها.إلى جانب نقص في المحاليل والأصباغ ولوازم المختبرات اللازمة لتشخيص كثير من الأمراض، ويترتب علي تأخر التشخيص مضاعفات للمرضي، وقد بلغت نسبة النقص أكثر من 40% لأجهزة المختبرات العاملة بنظام الديجتال.وحذرت الوزارة من النقص الحاد في قطع الغيار واللوحات الإلكترونية والتي تعطل الأجهزة بشكل كامل، ومنها اجهزة قياس نسبة الغازات في الدم اللازمة للعناية المركزة لحضانات الأطفال والكبار.وقد أدى قطع الكهرباء المتواصل لعطل برمجة الأجهزة، مما يعطي معايير خاطئة ونتاج تؤثر علي سير علاج المرضي ، الى جانب تعطل أجهزة الأشعة الرقمية، حيث هنالك عطل في التخطيط القطاعي وخاصة في مجمع الشفاء ومستشفي الأوروبي والتي هي ضرورية جدا لتشخيص كثير من الأمراض والأورام مثل السرطان وسوء التشخيص يؤدي إلي تأخر حالة المريض وانتشار المرض داخل الجسم.وهنالك الكثير من قطع الغيار للأشعة التلفزيونية والملونة غير متوفرة مما تؤثر علي تشخيص الأمراض بشكل مبكر، إضافة إلى هنالك نقص حاد في الأدوية اللازمة لمرضى الكلى والمحاليل.ويوجد نقص في الغازات الطبية اللازمة لغرف العمليات والمتوفر لا يغطي أكثر من أسبوع وفي حالة العمليات الكبيرة سيتم نفاد هذه الكمية في أقل من تلك الفترة والمعايير العالمية تتطلب مخزون يكفي لمدة 3 شهور على الأقل.ويؤدي انقطاع الكهرباء لتشغيل المولدات لفترات طويلة مما يتسبب بحدوث أعطال متكررة تؤدي لأضرار صحية فادحة ، فيما أوقف نفاد الغاز عمل المطابخ داخل المستشفيات مما كان سببا رئيسا في سوء جودة الأغذية المقدمة للمرضي، إلى جانب توقف المغاسل المركزية (غسل الشراشف والملاءات والملابس الطبية مما سيؤدي لانتشار العدوى بين المرضي).أجهزة التعقيم كثير منها معطل ومتوقف عن العمل بسبب نقص قطع الغيار وخاصة في مستشفيات النصر للأطفال والأقصى وأبو يوسف النجار ، كما أن هناك نقص حاد في التطعيمات اللازمة للأطفال، مما سيتسبب في نقص المناعة وانتشار الامراض.هذا وقد فاقم عدم خروج المرضي للعلاج في الخارج الاوضاع المتدهورة مما أدى لازدياد عدد ضحايا الحصار حيث ارتفع عدد الضحايا لما يزيد عن 270 مريضا .تدهور القطاع الصحي وصل لحد توقف توريد الكحول المطهر والمعقم للمرضي، حيث لا يوجد أي من تلك الأنواع علي الإطلاق ، الى جانب قصر إجراء العمليات علي العمليات الطارئة وتأخير كثير من العمليات التي ستتحول إلي طارئة بعد فترة وجيزة.وقد وصل الحد الى توقف أكثر من 60% من سيارات الإسعاف بسبب عدم توفر قطع الغيار، وتعطل معظم حواسيب خدمات المرضي ومتابعة التحاليل وخاصة لدى الأطفال في مستشفى النصر وكذلك مستشفي أبو يوسف النجار وناصر.

    الزراعة والانتاج الحيواني

    وعلى صعيد الزراعة فقد كان الحصار سببا في النقص الخطير في كمية الأعلاف نتيجة لإغلاق المعابر، حيث تقدر كمية الاحتياجات اليومية من الأعلاف بـ 150 طن, لم يدخل منها أي كمية تذكر في الفترة الاخيرة مما أثر سلبا علي ذلك القطاع حيث أدى لإعدام ما بين 700 ألف إلي مليون صوص ، فيما بلغت خسائر الثروة الحيوانية 10% إلي 20% نتيجة نقص اللقاحات والأمصال وانتشار بعض الأمراض ونقص الاعلاف. عدم وجود كميات من الغاز الطبيعي للصيد البحري وفقاسات التفريخ للدواجن كانت نتيجة أخرى للحصار الذي أدى لعدم توفير الكميات المطلوبة من الأسمدة والمبيدات الحشرية ومستلزمات الإنتاج الزراعي كالنايلون والخراطيم والبذور الأمر الذي يهدد بانتشار إمراض زراعية لا يحمد عقباها.ولم يتمكن القطاع الزراعي من تصدير المنتجات الزراعية وذلك حسب الإغلاق الذي بدأ قبل عام ونصف.وفيما يتعلق بأزمة الدقيق والمخابز فتشير الاحصاءات الرسمية الى أن 47 مخبزا يعملوا في قطاع غزة وقد اضطر معظمها لاغلاق أبوابها في وجه المواطنين نظرا لنفاد غاز الطهي والانقطاع المتكرر للكهرباء .وتحتاج غزة 450 طن دقيق، منها 100 طن للمخابز، و300 طن للمنازل، ويأتي جزء منها مساعدات من قبل الأونروا وبعض المؤسسات الأخرى.ولا يكفي المخزون من الدقيق في غزة سوى ما بين عشرة إلى خمسة عشر يوما بحد أقصى، أما بالنسبة للقمح فقد أغلقت شركة المطاحن أبواباها وتوقفت عن العمل لعدم وجود القمح في مخازنها، وتحتاج غزة يومياً إلى 600 طن من القمح، لا يتم إدخال أي شي منذ الرابع من نوفمبر الماضي .

    أزمة المياه

    وقد اتضحت أزمة المياه مع غياب مادة الكلور التي تستخدم في تعقيم مياه الشرب وما يترتب عليه من عدم القدرة على تطهير المياه مما يهدد بكارثة صحية نتيجة احتمال تلوث مياه الشرب.وتقد حاجة القطاع 60 متر مكعب شهريا من مادة الكلور ورصيدها الآن صفر، وبدأت تتوقف عملية ضخ الكلور في بعض الآبار، وخلال أسبوعين سيتوقف ضخ الكلور في كل الآبار، مما يحدث كارثة صحية وبيئية.عدد آبار المياه في غزة تصل إلى 145، منها مائة تعمل بنسبة 60% من الوقت، وخمسة أربعين تعمل بنسبة 80% من الوقت، وعشرة آبار متوقفة تماماً بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود ونقص قطع غيار المضخات والمولدات.استهلاك قطاع غزة يومياً 220 ألف لتر مكعب من المياه، انخفض بنسبة 40% ، ويزداد الأمر تعقيداً في الأبراج بسبب عدم قدرة المضخات رفع المياه للأماكن العالية.محطات المعالجة متوقفة تماما عن العمل معالجة مياه الصرف الصحي بسبب قطع الكهرباء وعدم توفر الديزل لتشغيل المولدات ودم كفاءة المولدات ، هذا ويضخ 77 مليون لتر من مياه الصرف الصحي يومياً في البحر، دون معالجة مما يسبب كوارث بيئية وتلوث خطير للبحر.ويخشى من الخطر الداهم الناتج عن توقف ضخ محطات المجاري عن العمل بعد 48 ساعة بسبب عدم توفر كميات الديزل اللازمة، وسينتج عنها حدوث طفح في الشوارع وستغرق مناطق بأكملها في مياه المجري.

    نقص السلع

    ويعد حليب الأطفال والدقيق والأرز والبقوليات والزيوت والمجمدات والألبان واللحوم الطازجة والمواد الخام للصناعات المعدنية والبلاستيكية والكيميائية والإنشائية والورقية ومواد التغليف، إلى جانب الأدوات الكهربائية وأدوات الصرف الصحي وقطع غيار سيارات وزيوت سيارات من أهم السلع التي نتت أو توشك على النفاذ من الأسواق .نتيجة إغلاق المعابر توقف كل المساعدات سواء للوكالة أو لمنظمات إنسانية فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، ويبلغ عدد المستفيدون مليون شخص من ضمنهم 750 ألف من اللاجئين يتلقون المساعدات من وكالة الغوث ويعيشوا عليها فقط.وفي سياق متصل يعاني القطاع الصناعي منذ أكثر من عامين جراء الحصار الشامل على غزة، واستمرت هذه المعاناة خلال الفترة الماضية، حيث أغلق ما نسبته 97% من أصل 3900 مصنع وورشة وشركات المقاولات، ، وتوقف الباقي مع انقطاع الكهرباء ونقص الغاز الوقود، مما أضاف خمسة ثلاثين ألف عامل إلى قائمة البطالة.

    أرقام وإحصاءات

    واذا ما تم الحديث بلغة الارقام عما خلفه الحصار فيتضح أن خسائر الحصار المباشرة فاقت 750 مليون دولار ، وقد فقد 140 ألف عامل عملهم جراء إغلاق المعابر والحصار المستمر على غزة منذ عامين.80 % يعيشون تحت خط الفقر، و65% معدل البطالة، و650 دولار معدل دخل الفرد السنوي للمواطن الفلسطيني في غزة.زادت كميات البضائع الموجودة في الموانئ الإسرائيلية والمعابر والمخازن على2000 شاحنة.77 مليون لتر من مياه الصرف الصحي تضخ يومياً دون معالجة ، وعدد الآبار المتوقفة في غزة عشرة آبار مياه والباقي مهدد بالتوقف.60% من أطفال غزة مصابين بأمراض سوء التغذية وفقر الدم، وأكثر من ثلث ضحايا الحصار هم من الأطفال.محطة توليد الكهرباء متوقفة بشكل كامل، وثلاثين مخبزاً أغلق أبوابه في غزة ، ومخزون الدقيق يكفي القطاع من عشرة إلى خمسة عشر يومياً.المخزون الاحتياطي من الكلور لتنقية المياه الصرف الصحي رصيده صفر، وخلال أسبوعين يتوقف ضخ الكلور في الآبار البالغ عددها 145 مما ينذر بالتلوث.بعد يومين ستغرق مناطق في شمال وجنوب القطاع ومدينة غزة بمياه الصرف الصحي.40% من الأدوية الأساسية و80% من المستهلكات الطبية رصيدها صفر.

    نداء استغاثة

    وأمام تلك الحقائق اعتبر النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار أن حصار غزة يشكل استهتار واستخفاف بكل النداءات والمناشدات والمطالبات الدولية والإنسانية، ويعد تحد خطير لاتفاقية جنيف الرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكافة القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، وممارسة العقاب الجماعي المخالف لتلك القوانين والتي تتطور ليصبح إبادة جماعية يحاسب عليها القانون، يستمر الاحتلال في حصار لغزة.وقال الخضري ان تلك المعلومات تكشف جزء من الحقيقة لأن الحقيقة أكبر من أن تكشف والجريمة أصعب من أن تصور والاستهداف لا يمكن أن يرصد ، موجها نداء استغاثة عله يحرك كل مسئول فلسطيني وعربي وإسلامي وأجنبي وكذلك على الصعيد الشعبي في الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي للتحرك من أجل من إنقاذ الشعب الفلسطيني الذي يعيش المحنة والظروف الكارثية والذي يتعرض لأقسى أنواع الضغط التي طالت رغيف الخبز ورضاعة حليب الأطفال والكهرباء والماء والدواء وغاز الطهي.ودعا الخضري الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لجامعة الدول العربية لزيارة قطاع غزة والاطلاع على معاناتها عن كثب، للتحرك الجدي من أجل إنقاذ سكانها من الموت البطيء ، كما دعا المؤسسات الاغاثية والحقوقية لتخطي مرحلة الإدانة والمطالبة، إلى مرحلة الضغط على الاحتلال لإنهاء الحصار.وطالب المحاكم الدولية بمحاسبة حكومة الاحتلال على جرائمها بحق السكان الفلسطينيين والعمل من أجل عزلها ومقاطعتها في مختلف المحافل الدولية ، ودعا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم والمتضامنين الأجانب والدوليين بتنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة وتفعيلها بأشكال سلمية مختلفة، من أجل تفعيل حصار غزة في جميع أنحاء العالم.وأكد على أن الحصار مخالف لكل الاتفاقات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، فضلاً عن مخالفته لكل الاتفاقات الموقعة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الوطنية الفلسطينية، إلى جانب كونه عقاباً جماعياً وانتهاكاً خطيراً لكل مضامين حقوق الإنسان كونه تسبب بآثار كارثية مدمرة على مختلف القطاعات وتسبب بمعاناة جماعية لمختلف الشرائح.وشدد على أن الحصار تسبب في تدمير الاقتصاد الفلسطيني في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها، وبإيجاد معدلات غير مسبوقة للفقر والبطالة، إلى جانب تسببه في كوارث صحية وإنسانية وبيئية خطيرة.