• شارك برأيك
    english

    المعاقون الفلسطينيون ..رحلة البحث عن مساعدة دون نقابة تدعمهم

    أجمع مختصون بعلوم تأهيل المعاقين بضرورة إنشاء نقابة موحدة للمعاقين، وتوفير قاعدة بيانات خاصة بهم عبر إجراء مسح شامل للمعاقين في قطاع غزة، ليكون ذلك نقطة انطلاق للرقي بمؤسسات التأهيل وبما يساعد على تقديم الخدمة المرجوة للمعاقين في المجتمع.جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمه قسم علوم التأهيل بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية تحت عنوان "المشكلات التي تواجه المجتمع الفلسطيني في مجال التأهيل".

    بدون نقابة

    ورأى الأستاذ ناصر غانم نائب رئيس قسم علوم التأهيل بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أن المعاقين أمانة في رقاب المسئولين تستلزم الرعاية والعناية وتقديم كافة الاحتياجات المادية والنفسية لهم بما يتناسب مع ظروفهم من أجل تجاوز الأزمة التي يواجهونها. وأوضح أن مهنة التأهيل لا تعمل بالشكل الصحيح في الوقت الحالي خاصة بعد الحرب على غزة، لافتا إلى أن معاناة المعاق تزداد يوما بعد يوم نتيجة افتقار المؤسسات التي تعنى بالمعاقين للكادر المتخصص ، وإلى عدم وجود بيئة سليمة تلبي احتياجات المعاق بالإضافة إلى غياب حقوق المعاق الفلسطيني.من جانبه أكد الأستاذ محمود حميد مساعد نائب العميد للشؤون الأكاديمية لشؤون الجودة والتطوير أن الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية تسعى لإقامة التعاون بين مؤسسات التأهيل في قطاع غزة، لتوحيد الهدف فيما بينها وبلورة إستراتيجية موحدة للنهوض باحتياجات المعاق الفلسطيني وتوفير بيئة نفسية تساعده على الاندماج في المجتمع، بما يساعد المعاقين على تجاوز الأزمة النفسية التي يعانون منها، ودعا إلى أهمية مشاركة الجميع في هذا الدور بحيث يتم استقطاب أصحاب الإعاقات في المؤسسات وتوفير فرص عمل لهم بما يتناسب مع نوع الإعاقة.وقال حميد "لقد وفرت الكلية وحدة تكنولوجيا المعلومات للمعاقين لتساعدهم في الأنشطة التدريبية، والتي تعمل على إكسابهم مجموعة من المهارات تمكنهم من رفع قدراتهم الخاصة وفي حياتهم المهنية والعملية".وحول المشكلات التي تواجه المؤسسات الخاصة بالمعاقين أشار الأستاذ حميد وهو احد المختصين في مجال التأهيل إلى عدم وجود نقابة أو جمعية خاصة تحتضن جميع مؤسسات التأهيل والمعاقين في القطاع، رغم وجود ما يقارب مائة وعشرين مؤسسة، وأضاف "لا توجد قاعدة بيانات تخص المعاقين تضم عدد وتصنيف المعاقين في كل المؤسسات، علما بأن المعاق يسجل اسمه في أكثر من مؤسسة، ويخضع للعلاج في أكثر من واحدة وبأكثر من برنامج".وعلل حميد ذلك بعدم شعور المعاق بتقديم العلاج الصحيح والمناسب له، والرعاية الناقصة وعدم المتابعة من قبل الأخصائيين بالمؤسسة ، موضحا أن الأمر يفرز ازدواجية في المشاريع التي تنفذها مؤسسات التأهيل تجاه المعاقين.

    تناثر الجهود

    من جهته تحدث الدكتور خميس الإسي أخصائي تأهيل ومدير مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي عن غياب الرؤية المستقبلية للمعاقين، وعزا ذلك لوجود خلل في عملية المعالجة، وقال "تتكون عملية العلاج من ثلاثة عناصر أساسية؛ المعالِج والمتعَالَج والبيئة التي يتم فيها العلاج"، مبينا أن أي خلل أو قصور في أي عنصر يؤثر على العملية برمتها.واستعرض الدكتور الإسي مجموعة من المشكلات التي تواجه بعض مؤسسات التأهيل والمتخصصين بمجال التأهيل المتمثلة في عدم الإيمان بالتخصص، وعدم وجود رؤية أو سياسة واضحة تتفق عليها مؤسسات التأهيل مجتمعة".ونوه الإسي إلى القصور الواضح في تلبية احتياجات المعاق الحقيقية والمتمثلة في تطبيق قانون حقوق المعاق بكافة بنوده، داعيا إلى تطوير العاملين في مجال التأهيل من خلال عقد الدورات التي تزيد من مهاراتهم لمساعدة المعاقين، وأوصى بضرورة إقامة نقابة للعاملين في قطاع التأهيل يكون لها نظام داخلي، وتتواصل مع كافة المؤسسات، وتركز اهتماماتها على عمل مزيد من الأنشطة والسعي بكل جد لتطبيق قانون المعاقين".وشدد على ضرورة أن تضع النقابة معايير معينة وصفات يجب توافرها في الشخص المتخصص في مجال التأهيل.واعتبر أخصائي التأهيل خالد البطراوي مدير مركز شمس للتربية الخاصة أن مشكلة تأهيل المعاقين في المجتمع الفلسطيني تكمن في عدم الخروج بتوصيات عملية قابلة للتنفيذ خلال الاجتماعات السابقة التي عقدها عدد من مؤسسات التأهيل على مدار سنوات، وقال " لا يوجد في قطاع غزة توزيع جغرافي صحيح للمعاقين".وسرد البطراوي أبرز المشكلات التي تواجه مؤسسات التأهيل وهي "شخصنة المؤسسات" بحيث يمثلها شخص واحد هو الذي يرسم سياسة المؤسسة دون مراعاة المعايير المهنية الصحيحة واتخاذ التدابير اللازمة لخدمة المعاق وعدم الأخذ بالأساليب العلمية السليمة في معاملة وعلاج المعاق، كما تطرق إلى غياب التعاون والتنسيق بين مؤسسات التأهيل غير الحكومية وبين المؤسسات الحكومية المعنية، مبينا طغيان الصبغة التنافسية على العلاقة بينهما.وشرح البطراوي أثر تحويل المؤسسات الداعمة للمعاقين تمويلها إلى المؤسسات الحكومية، في وقت أنشئت فيه المؤسسات الأهلية لتسد فراغ الغياب الحكومي في هذا المجال، وأضاف أنه قد تم تشكيل وزارة المجتمع المدني في غزة وأخرى في الضفة بهدف مراقبة ومتابعة مؤسسات التأهيل المدنية، غير أنها أغلقت لاحقا لعدم نجاحها وكفاءتها في تلبية احتياجات المعاقين الفلسطينيين.كما تحدث عن قصور في بعض مؤسسات التعليم في تشخيص الطلبة المعاقين ، قائلا "أحيانا يتم إرسال لائحة بأسماء بعض الطلبة على أنهم متخلفون عقليا ، لكنه بعد إجراء اختبار بسيط لهم يتبين أنهم يواجهون صعوبات تعليمية أو ضعف في التحصيل" ، وعلل ذلك بعدم وجود متخصصين حقيقيين في مجال الإعاقة والتأهيل يمتلكون قدرة التشخيص السليم للحالات، داعيا إلى إيجاد مناهج متخصصة يتم وضعها من قبل مستشارين بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وأوصى بضرورة تبني فلسفة التأهيل الشامل للمعاق.

    مسح ميداني

    واتفقت عالية القيشاوي رئيس قسم التأهيل بدائرة العلاج الطبيعي والتأهيل في وزارة الصحة، مع سابقيها في قضية الغياب الواضح والملموس لمتابعة مؤسسات التأهيل، مشيرة أن ذلك من مسئولية وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها المسئول الأول والأخير عن المعاقين وفقا للقانون، بالإضافة إلى عدم عمل اجتماعات دورية لمؤسسات التأهيل لمناقشة أبرز المشكلات التي تواجه المعاق لمعرفة أوجه القصور ومعالجتها بالطرق السليمة.وعرجت القيشاوي على موضوع التمويل فقالت "إن التمويل الذي يقدم لمؤسسات التأهيل المحلية من قبل الجهات المانحة بهدف خدمة المعاقين، لا يستفيد منه المعاق بالقدر الذي تستفيد منه المؤسسة"، وطالبت أن تعمل المؤسسات على تحديد الاحتياجات بأمانة وصدق خدمة للمعاقين أولا وقبل كل شيء .ومن بين المشكلات التي تواجه مؤسسات التأهيل عدم وجود وصف وظيفي للعاملين في مجال الإعاقة كما ذكرت القيشاوي ، ودعت إلى المبادرة والإسراع لإيجاد حل لمشاكل المعاقين بدءا بمسح شامل ميداني يوفر قاعدة بيانات تستفيد منها جميع مؤسسات التأهيل ولا تكون حكرا لأحد، يتم فيه معرفة عدد المعاقين، وتحديد نوع الإعاقة بالإضافة إلى الاحتياجات التي هم بحاجة لها.واقترحت الأستاذة لبنى شلح المحاضرة بقسم المهن الصحية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أن ترعى الكلية فكرة إيجاد نقابة للمعاقين، ضمن مشروع يهدف لتوعية المجتمع بمشاكل وهموم المعاقين ومشكلات التأهيل، يتم من خلاله إنشاء نقابة موحدة لكافة مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، شارحة أساس مشكلات التأهيل هو الافتقار إلى مرجعية موحدة في قطاع غزة للتأهيل.كما أوصت شلح أن تجري الكلية مسح ميداني لحالات الإعاقة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية، على غرار المسح الصحي الذي قامت به الكلية بالتعاون مع مؤسسة حنان في السابق، مؤكدة على أهمية تسليط الضوء على طلبة قسم التأهيل بالكلية، وصياغة وصف وظيفي لخريجي التأهيل المجتمعي وعلاج النطق ومشاكل الكلام.