• شارك برأيك
    english

    عائلة حسنـة: يا أصحـاب القلـوب الرحيمـة أنقـذونـا

    في مكان يشبه "الغرفة" المتداعية للسقوط تسكن عائلة "أبو أحمد حسنة".. وبمجرد أن تجول بعينيك بأرجاء المكان, حتى تُصاب بالذهول والدهشة من وجود أناس يعيشون في مكان لا يصلح للعيش الآدمي وترفض القطط البقاء فيه.

     

    منزل هو عبارة عن غرفة لا تتعدى الأربعة أمتار تملأ جدرانها الثقوب والشقوق، والرطوبة تعج بالمكان.. والحشرات والطفيليات تحفظ تفاصيل الجدران.. لا يفصلها عن السماء إلا بعض ألواح صفيحٍ مهترئة وقطع القماش البالية التي لا تقيها مطر شتاء أو حر الصيف.

     

    وعلى حجرٍ صغير كانت تجلس "أم أحمد" منهمكة في خبز بعض اللقيمات الصغيرة لتسكت أفواه صغارها الجائعة.. ومن حولها يلتف الأطفال منتظرين الرغيف الساخن الذي بات هاجسهم منذ ليالٍ... وبعيونٍ أدماها التعب وبغصةٍ كبيرة بدأت تروي تفاصيل وجعها مع الحياة.

     

    أشبه بالأموات

    بدمعةٍ حارة سقطت مع أولى كلماتها قالت " أم أحمد": " لدي ستة من الأولاد أكبرهم عمره 10 سنوات وأصغرهم عام ونصف.. زوجي عاطل عن العمل منذ سنوات وليس لدينا دخل نعتاش منه ولولا أولاد الخير لمات أطفالي من الجوع وأصبحنا نفترش الأرض ونلتحف السماء".

     

    وهي تتلقف أول رغيفٍ وتوزعه على أطفالها الجياع تابعت بحرقة: " منذ أيام أولادي يحلمون بهذا الرغيف.. فالخبز الساخن لا نتذوقه إلا كل شهر مرة وأحياناً تمر عدة أشهر دون أن نشم له رائحة أو يدخل منزلنا.. نحن نعيش فقط على صدقات أهل الخير من الجيران وأبناء الحي".

     

    والدموع تنحدر من عينيها مضت تقول: " المكان الذي نعيش فيه تأبى القطط المكوث فيه لساعة من الزمن.. فالرطوبة تملأه والحشرات تستوطنه.. والمياه العادمة تجري من تحت أقدامنا.. وسواء في الصيف أو الشتاء فالمأساة أضعاف".

     

    وهي تحاول تغطية ثقوب المنزل ببعض الأغطية البالية أردفت: " " انظروا حولكم فلن تجدوا أدنى مقومات للحياة.. فلا أثاث للنوم والجلوس.. ولا أواني للطبخ.. وحتى الغسالة لغسل الملابس لا توجد عندنا.. ولا فرن أو غاز.. نحن نعيش على فتات الناس ومعونات بعض المؤسسات التي لا تغنينا من جوع.. ولا تؤمننا من البرد ".

     

     

    هدني المرض

    وفي إحدى زوايا المكان مساحة لا تتعدى متراً بابها قطعة قماش أسموه تجاوزاً "مرحاضاً" ، و يقابله مكان آخر تصطف عليه الأواني البالية أطلقوا عليه "مطبخاً".. وما بينهما انشغل صغار البيت بثيابهم الرثة والبالية يصرخون ويلعبون.

     

    وهو يضع يده على خده قال رب المنزل "أبو أحمد": "قبل سنوات كنت أعمل داخل "إسرائيل" واحصل على اجر مرتفع  ولكن الآن كل الأبواب مغلقة فالعمل هناك لم يعد له آثر وفي غزة الأوضاع صعبة وأمثالي من الناس لا يجدون لهم عمل يناسبهم".

     

    والحسرة تغلف صوته مضى يقول: " إلى جانب جلوسي بالبيت الأمراض تغزو جسدي حيث أنني أعاني من الغضروف في ظهري ورقبتي نتيجة العمل الشاق وحمل الأشياء الثقيلة للأماكن المرتفعة والبعيدة".

     

    وأشار إلى أنه لا يقوى لا عمل أي شيء ولا يستطيع أن يثني ظهره لرفع أي شيء عن الأرض, وأضاف: " وفي ظل الحصار وتضيق الاحتلال على السكان في قطاع غزة زادت البطالة وفرص العمل قلت.. فالشباب الأصحاء لا يجدون عمل ما بالكم بشخص مريض لا يستطيع رفع شيء".

     

    خردة وقمامة

    وعن كيف يتدبر أموره ويطعم صغاره الستة قال: " أقوم بجمع الخردة من حاويات القمامة وجلبها للبيت وأستصلح منها بعض الأشياء وأبيعها في أسوق وهذا العمل كان يدر عليّ مبلغ من المال.. ولكن مع اشتداد الحصار لم يدع هناك شيء في القمامة يمكن الاستفادة منه وبيعه في سوق الخردة".

     

    وبتهكم تابع: " فالناس في غزة لم تعتد تستغني عن أشياء وباتت لا ترمي شيء في الحاويات إلا إذا فقد صلاحيته الكاملة.. فالحياة صعبة وقاسية ولا تحتمل".

     

    وأكد أن لا يدخل في جيبه أكثر من 100 دولار شهريا وبها يعيش هو وأسرته كل أيام الشهر, وبعض الشهور لا يحظى "بشيكل" واحد, مضيفاً :" أهل الخير كثر والله لا ينسنا ولن نموت من الجوع".

     

    وكشفت مؤسسات إنسانية وحقوقية في قطاع غزة أن 80 في المائة من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر, وأشارت إلى وجود عشرات الآلاف من العمال يجلسون على رصيف البطالة بدون عمل، ومليون فلسطيني يعيشون على المساعدات الإنسانية من الجمعيات الخيرية ومعدل دخل الفرد اليومي دولارين فقط.